ومن بينهم وزير للمالية ومحتسب بارع في الهزل والنكات الفكاهية
وفي أول جمعة تلي ذلك ترسل الحكومة المغربية لسلطان الطلبة كسوة فاخرة وتقوم بتنظيم موكبه الرسمي. وعند الساعة الحادية عشرة يتحرك هذا الموكب من المدرسة التي يتفق أن سلطان الطلبة ساكن بها، فيركب هو جواداً مطهماً وترفع المظلة الملكية (الشمسية) فوق رأسه ومن حوله الحراب تحملها الشرطة، وتتقدمه موسيقى عسكرية ثم قواد (المشوَر) فرساناً حاملين السيوف، وتتلوه حاشيته وجمهور غفير من رعاياه الطلبة مشاةً على الأرجل، ثم أصحاب الطبول والمزامير، ويحيط بالجميع من اليمين إلى الشمال سلسلتان من الشرطة والعسس ومقدمي الحارات ويخترق الموكب الأزقة والشوارع سائراً بين أمواج صاخبة من الأهالي إلى أن يصل إلى جامع الأندلس فيؤدي السلطان به صلاة الجمعة. ثم يتابع الموكب سيره لزيارة ضريح السلطان الأعظم مؤسس عرش الدولة العلوية الشريفة المولى الرشيد سنة (١٠٤٠ - ١٠٨٣ هـ) بداخل قبة الشيخ أبي الحسن علي بن حرزهم بمقبرة الغرباء خارج باب الفتوح، وهذا السلطان هو الذي سن للطلبة هذه (السلطنة) وحباهم بعطفه الكبير فهم يزورون ضريحه أولاً قياماً بواجب شكره وتذكاراً لعهده اللامع. وعند المساء بعد صلاة العصر يعود موكب (سلطان الطلبة) من حيث أتى بينما الوجوه تطفح بشراً، والنساء يملأن السطوح بزغاريدهن المازحة العابثة
وفي عشية اليوم التالي يخرج (سلطان الطلبة) في موكبه الرسمي كهيئته الأولى قاصداً إحدى ضواحي المدينة حيث ضربت خيام (دولة الطلبة) بسهول خضراء على ضفاف وادي الجواهر يتوسطها سرادق كبير لسلطان الطلبة وحاشيته. وتقدر هذه الخيام بنحو المائة غالباً خمسون منها للحكومة، وهذه خاصة بالطلبة تضم كل منها جماعة من بينهم، وباقي الخيام للأهالي الذين يلذ لهم أن يقضوا نزهتهم الربيعية بجوار (دولة الطلبة) التي تعيش أسبوعاً واحداً، وقد يرخص لها بزيادة أسبوع آخر.
وتقوم واردات الميزانية العامة لهذه (الدولة) المحدودة بالزمان والمكان من:
١ - ثمن (السلطنة) الذي يدفعه (سلطان الطلبة) على أن تتعهد له الحكومة في مقابل ذلك بإجابة طلب يتقدم به إليها كإطلاق سراح مسجون له، أو جعله موظفاً في بعض الإدرات ونحو هذا.