وهذا القول يفسر مبدأ معترفاً به في تاريخ الحروب بما فيها الحرب الأخيرة، إذ وجدت ألمانيا نفسها عاجزة عن تموين جيشها لحاجتها إلى المال. ويتبين من هذا دقة الموقف الذي تقفه ألمانيا وإيطاليا الآن
مما لا شك فيه أن ألمانيا في عجز عن إيجاد الذهب الضروري لحاجتها، والذهب هو القوة التي يمكن الحصول بوساطتها على المئونة، وألمانيا في حاجة إلى الشعير والسكر، وفي حاجة إلى المعادن اللازمة لعمل الأسلحة وتجديدها
ومن المعلوم أن ألمانيا في حاجة ملحة إلى الحديد والنحاس والألمنيوم والمغنيسيوم والرصاص، وهي في حاجة فوق ذلك إلى البترول وهو الروح الأساسية للآلات والمصنوعات الحربية على وجه العموم
وهي تعتمد على عبقريتها الصناعية للحصول على هذه المواد، حتى لا تعول على الدول الأخرى في استيرادها، تلك العبقرية التي تحول الخشب إلى قطن، ولبن الأبقار إلى صوف
وعلى هذا النحو تصنع الملابس لجنود الجيش، ويصنع البترول والمطاط ويصنعونه من الجير، والصابون ويصنع من الفحم، والزبدة وتصنع من الزيت، وتعيش الأمة جميعها على هذه المصنوعات. وهنا تحضرنا الفكاهة القديمة وهي عجز ألمانيا في المعادن، وقلة ثقتها بإخلاص الحليفة؛ وتحت هذا التأثير ولا شك يتفكك محور رومه برلين
فإذا قامت الحرب فستكون ألمانيا عاجزة كل العجز عن إعداد المال الكافي إذ أنها ستشتري مئونتها ومعادنها من الخارج.
هذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها. فقد أصبحت ألمانيا تستورد ٢٠ % من مواد الأطعمة من الخارج فضلاً عن الأجور العالية التي يتقاضاها المزارعون فيها.
ونحن نرجع في هذا الموضوع إلى ما قاله الكاتب الألماني فرتس استرنبرج في كتاب (قوة ألمانيا الحربية). فقد أورد كثيراً من المعلومات والإحصاءات الهامة التي تدل على عجز ألمانيا عن التموين، واضطرارها إلى زيادة نسبة الوارد إليها من مواد الأطعمة، وتلجأ ألمانيا إلى طريقة المقايضة في كل ما تريد من الدول. فتقول: أعطني بترولك وأنا أعطيك عقاقيري. وكل هذه الوسائل المفتعلة لا قيمة لها أبان الحرب. فإذا أطلقت رصاصة واحدة