فالغزل القوي هو من شواهد الحيوية الدافقة في الرجال.
أما وصف الطبيعة فهو إحساس دقيق يأنس إليه من حرموا الأنس بالجمال الحساس الذي يملك التعبير عن العواطف والشهوات ولو شئتُ لاستشهدتُ بقول مؤلف (مدامع العشاق) إذ يقول:
ماذا أصنع بكل أولئك إذا لم يكن معي إنسان أطارحه القول وأساجله الحديث، وأساقيه صهباء هذا الوجود؟
وما قيمة الليل إن لم تظلني في الحب ظلماؤه؟ وما قيمة البدر إن لم يذكرني بالثغر لألاؤه؟ وما جمال الأغصان إن لم تهزني إلى ضم القدود؟ وما حسن الأزهار إن لم تشقني إلى لثم الخدود؟ وكيف أميل إلى الضباء لو لم تشه بعيونها وأجيادها ما للحسان من أعناق وعيون؟ وكيف أصبو إلى غُنّة الغزال لولا تلك النبرات العذاب التي يسمونها السحر الحلال)؟
ذلك أيها الأستاذ رأي مؤلف (مدامع العشاق) وهو رجل له معدة وروح، ولا ينكر ذلك إلا من حرموا قوة المعدة، وقوة الروح.
وقد أراد أحمد أمين - على طريقته في التودد إلى الجماهير - أن يزج بالقرآن في مجال التفرقة بين أدب المعدة وأدب الروح، مع أنه يعرف أن القرآن لا يقيم وزناً لأمثال هذا الاصطلاح. ولو أنه تأمل قليلاً لعرف أن القرآن يفيض بالأفكار التي توجب الاهتمام بالمطالب الجسدية. وعقيدة الإسلام تقوم على أساس الاعتراف بأن الإنسان مكون من جسد وروح. والمؤمنون في نظر القرآن سيصيرون حين يرضى الله عنهم (على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين، يطوف عليهم ولدان مخَّلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين، لا يصَّدعون عنها ولا ينزفون، وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وحورٌ عِين كأمثال اللؤلؤ المكنون، جزاءً بما كانوا يعملون)
ويحدثنا القرآن بأن أصحاب اليمين سيكونون (في سدْر مخضود، وطلح منظود، وظلّ