للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن من الخسارة الجسيمة أن يصبح مثل هذا الرجل الفاضل من الذين يزخرفون المقالات في شؤون تضر المجتمع وتعود عليه وحده بالنفع (وتعليل ذلك واضح بقليل من إعمال الفكر) كما يحلو له أن يقول

قامت نظرية أحمد أمين على غير أساس

وما كانت نظرية، وإنما كانت حيلة (باعثها الأول ملء أعمدة من الصحف والمجلات) وقد وصل إلى ما يريد وأضيف إلى حسابه مبلغ صغير أو كبير من المال

ولولا أني أحترم المال لكرهت النص على أن هذا الصديق يعمل للمال

وهل يحتقر المال إلا من كتب عليهم أن يعيشوا أذلاء؟

نحن جميعاً نعمل للمال وللمعدة، وما في ذلك من عيب، ولكن العيب هو في تنفير الجمهور من المال طلباً لحسن السمعة بين من ورثوا السخرية من المال بفضل ما وصل إلى عقولهم المريضة من أقوال الدراويش والرهبان

وليس معنى ذلك أني أنكر مطالب الروح، فلولا مطالب الروح لما استبحت أن أخلق لنفسي عداوة رجل يضر وينفع مثل أحمد أمين

لقد فكرت كثيراً قبل أن أقدم على هذه الجملة الأدبية، وصح عندي بعد الروية أن الغض من قيمة الأدب العربي هو عدوان على كرامة الأمة العربية، فأنا استهدف لعداوة هذا الرجل وعداوة أصدقائه في سبيل المبدأ والعقيدة، فليضف هذه المقالات العنيفة إلى أدب الروح، إن كان من الصادقين!

أشرت من قبل إلى مركز هذا الرجل في الجامعة المصرية وقدرته على تلوين آراء الطلاب حين يشاء، فهل يكون من الشطط أن نقول له حين يخطئ: قِف مكانك!

لو كان أحمد أمين أديباً لقلنا إن من حقه أن يبتدع من الصور الأدبية ما يريد، ولكنه ليس بأديب، وإنما هو مؤرِّخ أدب، ولأحكامه الخاطئة في تاريخ الأدب تأثير سيئ لا يدرك خطره إلا من عرفوا أنه رجل محترم يقبل الشبان آراءه بلا مراجعة ولا تعقيب

ونسارع فنقرر أن ضمير أحمد أمين سليمٌ من الوجهة الأخلاقية، فهو يكتب ما يكتب ويقول ما يقول عن اقتناع، وإنما يصل إليه من الخطأ من طريقين: الأول عدم تمكنه من تاريخ الأدب العربي؛ والثاني عدم تعمقه في درس سرائر النفسية والوجدانية. ومن هنا كثرت

<<  <  ج:
ص:  >  >>