للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

البهيقي والجرجاني والحاكم في التاريخ

ولم يكد الشعراء يعرفون ذلك الحديث حتى أولعوا به وعملوا على إذاعته في أشعارهم، وتضمينها إسناده ومعناه. ومن ألطف ما جاء في ذلك ما حكاه التاج السبكي عن أبي نواس أنه قال: مضيت إلى باب أزهر والمحدثون ينتظرون خروجه، فما كان إلا أن خرج وجعل يعظم واحداً بعد واحد، حتى التفت إليّ فقال: ما حاجتك؟ فقلت:

ولقد كنتم رويتم ... عن سعيد عن قَتَاده

عن سعيد بن المسيب ... أن سعد بن عُباده

قال من مات مُحباً ... فله أجر شهادة

فقال أزهر: نعم، وذكر الحديث

ولأبي نواس في تضمينه أيضاً:

حدثنا الخفاف عن وائلِ ... وخالد الحذّاء عن جابر

ومسعرٌ عن بعض أصحابه ... يرفعه الشيخ إلى عامر

وابن جريح عن سعيد وعن ... قتادة الماضي وعن غابر

قالوا جميعاً أَيما طَفلَةٍ ... عُلّقَها ذو خُلُقٍ طاهرٍ

فواصلته ثم دامت له ... على وصال الحافظِ الذاكر

كانت لها الجنة مبذولةً ... تمرح في مَرتَعها الزَّاهَر

وأَيُّ معشوقٍ جَفاَ عاشقاً ... بعد وصال ناعمٍ ناضر

ففي عذاب الله مثوىً له ... بعداً له من ظالمٍ غادر

ولابن المبارك الإمام في تضمينه:

حدثنا سفيان عن جابرٍ ... عن خالد عن سهل السَّاعدِي

يرفَعُهُ من مات عشقاً فقد=استوجب الأجر من الماجد

وكان كثير من العظماء والعلماء يعطف على أولئك العشاق، ولهم في ذلك آثار ونوادر لا تحصى، ومنها ما روى عن المهدي أنه قال: أشتهي أن أصلي على جنازة عاشق مات في الحب

ومنها ما روي أن ابن الليث قاضي مصر كان يكتب في فتيا، فسمع جارية تقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>