العلماء والأدباء على التماس الاستئثار به في مجالسهم يحادثهم في الأدب ويطربهم بسحر أغانيه العذاب
لقد نضج (كامل الخلعي) قبل الأوان، وشارك أساتذته في ثروتهم من الأدب وعلم الموسيقى، فلم يكن كثيراً على نبوغه المبكر أن يفاجئ الناس وهو في سن السادسة والعشرين بكتابه (الموسيقى الشرقية) فيأخذ به بين علماء الموسيقى في مصر والشرق مكانة (العالم المتمكن) ولكنه ابن السادسة والعشرين
واستطاع (كامل) أن يتعلم من اللغات التركية والفارسية والإيطالية وأن يجيد الفرنسية إجادة الرسوخ. وهو بعد أن تطاول كتابه (الموسيقى الشرقية) إلى أقطار العالم تترامى إليه رسائل المعجبين من كل صوب، مما أوجد في نفسه الرغبة إلى اقتحام مخاطر الرحلات، فزار الشام وتركيا وإيطاليا وفرنسا وتونس، وقضى في كل منها عدة من السنين اتصل فيها بعلماء الموسيقى وأعلام الأدب حتى اندمجت شهرته بشهرتهم وتبادل معهم كل جديد من الرأي في الموسيقى العربية والإفرنجية
ثم هو يستقر بعد ذلك في مصر أستاذاً كاملاً في علم الموسيقى يرجع إليه المشتغلون بها في كل ما استشكل عليهم من غامض الفن. وهو في نفس الوقت يتهيأ لأن يفاجئ المصريين بنوع لم يتعرفوا إليه في الموسيقى من قبل هو نوع الأوبرا والأوبريت التي أبرز فيها شخصية السيدة منيرة المهدية على المسرح الغنائي لأول مرة في التاريخ سنة ١٩١٦ تركز بعدها كيان الأوبرا الغنائية في فن التمثيل
ويواصل (كامل) بعد ذلك جهاده الفني بين المسرح و (جوقات الطرب) بما قدم لفن الغناء من تلاميذه النوابغالذين علا نجمهم وإن تنكروا بعد ذلك في محنته. ولكنهم اليوم أصحاب السمعة والصيت دون أستاذهم المجهول الذي ساهم في وضع أساس الفن ومهد له سبيل الحياة. ثم مات عن خصاصة وعاش تلاميذه في رخاء من تركة أستاذهم الفنية، وهي ليست من القلة بحيث تفقد وجودها وسط هذه الفوضى العابثة من الألحان والأغاني التي يخرج علينا بها مطربو هذه الأيام. فقد تجاوزت تركة (كامل الخلعي) من الألحان الأربعين رواية بين الأوبرا والأوبريت موزعة بين فرقة السيدة منيرة المهدية وشركة ترقية التمثيل العربي (شركة مصر للتمثيل والسينما اليوم) وفرقة الكسار. بل من إنتاج (كامل الخلعي)