للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأستاذ القرون مسرعاً، حتى أدرك العصر العباسي، حيث التأليف المزدهر المثمر. فلما كانت المائة الثالثة للهجرة، بدأ الضعف يدب في التأليف، لضعف الدول والممالك، فلم يلق التأليف آنئذ ملكاً يحميه أو سلطاناً يغذيه. وأتت بعد ذلك كارثة بغداد وهمجية جنكيز خان، فخلت مدينة السلام، وبخارى، وسمرقند، وخوارزم، وطوس، من العلماء وضاع منها كثير من المؤلفات

وجاء الترك، فسعت إلى القضاء على العرب قضاء لا حياة بعده، فرقد العرب، حتى هبت مصر فأيقظتهم بعد سبات طويل

ويصف الأستاذ كرد علي حالة مصر في أوائل عصر النهضة فيقول إن أدباءها وعلماءها كانوا ما يزالون متأثرين بمؤلفات عصور الانحطاط. أما الأزهر فكان شبحاً بلا روح واسماً بلا مسمى، فلما جاء الشيخ محمد عبده سعى في إحياء التأليف، وأخرج الكتاب من الركيك إلى النثر الذي كان في القرنين الأول والثاني. ثم ذكر أثر الأستاذ الإمام في إصلاح الأزهر، وأثر الجامعة المصرية القديمة في نشر العلم بوساطة المحاضرات التي كانت تلقى فيها، حتى إذا اطلع الشرقيون على مؤلفات الغربيين، سعوا إلى تقليدها، فبدأت الفواصل في الكتابة، وعنى بأمر المسارد بأنواعها من تاريخية ولغوية وغيرها

أما أثر الصحافة في تشجيع التأليف فكان ظاهراً لما كان للنقد - على سخفه - من أثر بالغ في نفوس المؤلفين

وقايس الأستاذ بين الشيخ بخيت المحافظ والشيخ أحمد إبراهيم المجدد، وذكر كيف قاوم الأزهريون الشيخ النجار

ثم انتقل الأستاذ إلى التأليف في وقتنا هذا بمصر، فقال إن التأليف الحديث ناتج عن اضطرار لا عن رغبة، لأن معظم المؤلفين في مصر، إنما يؤلفون بحكم الوظيفة والمنصب. وقال إن هناك مؤلفات لها شأنها، ولو أننا اتبعنا الطرق التي اتبعها (حافظ باشا عفيفي) في كتابه (على هامش السياسة) وحاولنا أن نحرر أفكارنا كما فعل (قاسم أمين) فيما ألفه و (عبد الرحمن الكواكبي) في كتابه

(طبائع الاستبداد) لبلغ التأليف عندنا درجة رفيعة

وأنتقل الأستاذ بعد ذلك إلى الكلام عن الشام، فذكر احمد فارس وأثره في التأليف واهتمام

<<  <  ج:
ص:  >  >>