الصغيرة داخل النقطة في حركة دائمة شاءتها أسباب طبيعية كما شاءت أسباب فوتوكيميائية (الهابوش) المسكين أن يجتمع مجبراً ويدور قسراً ويتصادم عفواً طول الليل حول المصباح المتألق
على أن ما يجعل لهذه التجارب أثراً في نفسي أنني لم أقم بها على الألتراميكروسكوب التاريخي فحسب، بل في ذات الحجرة المتواضعة التي أجرى فيها (جان بيران) تجاربه الخالدة، تلك التجارب الخاصة بالحركة البراونية، والتي استعمل فيها الجهاز الألتراميكروسكوبي المتقدم الذكر، ففي هذه الحجرة المتواضعة الواقعة في الطابق الثالث من السوربون، والتي تطل على مكتب بريد الحي اللاتيني في شارع كيجا، استطاع جان بيران أن يعين بطريقة تدعو للإعجاب شحنة الإلكترون، وهي الطريقة التي سنشرحها للقارئ عندما ننتهي من الكلام عن الجزيء والذرة ونشرح الإلكترون
وقد تتبع بيران حركة الجزيئات أياماً طويلة واستطاع بالاستعانة بقوانين وضعها العالم الكبير أينشتاين، قوانين كانت باكورة أعماله في سنة ١٩٠٦، أن يعطي أهم النتائج التي نعرفها عن الحركة البراونية أو الداخلية للأجسام، تلك الحركة التي اكتشف فيها توزيعاً لوغاريتمياً يشبه التوزيع الذي اكتشفه لابلاس لجزيئات الهواء، وهذه التجارب الأخيرة جزء من الأعمال التي أتمها بيران في سنة ١٩٠٩ والتي منحه من أجلها المجمع السويدي جائزة نوبل للطبيعة لعشرين عاماً بعد ذلك التاريخ
وهكذا يستطيع اليوم أي طبيب بعيد عن المختبرات أن يعيد تجارب كوتون وموتون بأن يكوّن داخل النقطة المراد فحصها صورة مصباح على طريقتهما، ويتأمل الحركة الأبدية داخل أصغر نقطة من رذاذ الماء
وهكذا نجحت طريقة كوتون وموتون اللذين فهما من أول لحظة أنه لا بد في فكرة إنارة الجسيمات من وجود طريقة لرؤيتها، وهكذا يتعلق النجاح في الأعمال على درجة فهم الإنسان لأصول الأشياء ودرجة إدراكه للحقائق، وعند ظني أن شيلز وشيل، وودجود الذين مهدوا لاكتشاف جهاز التصوير الشمسي بأبحاثهم الخاصة بأثر الضوء على نترات الفضة، أدركوا قبل كل شيء أن في أشعة الشمس أسراراً تمكننا من أن نرى الأشياء مرة أخرى بل أن ليبمان أستاذ السوربون لم يكتشف فيما بعد التصوير الشمسي بالألوان إلا لأنه فهم