للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السوالف

٤ - ونلاحظ رابعاً أن أحمد أمين توهم أن فن المقامات وقف عند الحدود التي رسمها الحريري وبديع الزمان، ولو كان أحمد أمين من المطلعين على تاريخ الأدب العربي لعرف أن فن المقامات اتسعت آفاقه فشمل الزهديات والفقهيات، وتحول مع الزمن إلى أن صار من الأساليب التعليمية، ولذلك تفصيل سيهتدي إليه حين يقرأ تاريخ المقامات، وهو سيقرأ ذلك التاريخ لأنه يؤرخ الأدب بكلية الآداب

٥ - ونلاحظ خامساً أن أحمد أمين لم يعرف أن فن المقامات الذي ابتكره الهمذاني وأجاده الحريري قد انتقل إلى اللغة الفارسية واللغة العبرية واللغة السريانية، فهو من الفنون العربية التي وصل تأثيرها إلى ما جاورها من اللغات، وأدب المعدة لا يؤثر كل هذا التأثير

٦ - ونلاحظ سادساً أن الأستاذ أحمد أمين الذي أساء الأدب مع الحريري فجعل راويته مثالاً في (دناءة النفس وخساسة الحرفة) لم يعرف أن مقامات الحريري خدمت الأدب واللغة خدمة عظيمة جداً، فقد شُرحت تلك المقامات مرات كثيرة وشغلت الأدباء واللغويين في المشرق والمغرب، وكتبت بالذهب مئات المرات، وتهاداها الأمراء والملوك، وكان لها تأثير شديد في النهضة الأدبية الحديثة لأنها من أقدم ما نشرت مطبعة بولاق. وحديث عيسى بن هشام وهو أول كتاب مبتكر في الأدب الحديث له صلة بأسلوب المقامات

٧ - ونلاحظ سابعاً أن أحمد أمين لم يخطر بباله أن في مقامات بديع الزمان تحفة فنية نستطيع أن نباهي بها أدباء العالم في الشرق والغرب، وهي المقامة المضيرية، فقد بلغت من الروعة مبلغاً لم يصل إليه كاتب في قديم ولا حديث، ولو ترجمت إلى اللغات الأجنبية لعدها الأجانب من الأعاجيب

٨ - ونلاحظ ثامنا أن الجانب التعليمي في مقامات الحريري خفيت دقائقه على فطنة أحمد أمين، وما أحب أن أزيد!

٩ - وألاحظ تاسعاً أن أحمد أمين لم يدرك أن للكاتب حرية ذاتية في طريقة التأليف، فهو كان ينتظر أن يكون في المقامات حب وغرام كما يصنع الروائيون في هذه الأيام، وهو أيضاً يجهل أسلوب الروايات بعض الجهل، فالحب ليس ركناً أساسياً في تأليف الرواية كما يتوهم الناقد، وإنما هو وسيلة لدرس الشخصيات وللمؤلف الروائي أن يغفله حين يشاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>