١٠ - ونلاحظ عاشراً أن أحمد أمين لم يبتكر الهجوم على المقامات، وإنما نقله عن الأستاذ سلامة موسى، وسلامة موسى له عذر مقبول هو بعده عن التغلغل في أسرار الأدب العربي. فما عذر أحمد أمين وهو يتصدر لتدريس الأدب بالجامعة المصرية؟
ألم أقل لكم أن أحمد أمين يعتمد على ما يقرأ ويسمع بلا نقد ولا تمحيص؟ إن أحمد أمين يتوجع فيقول:
(أصبحنا إذا قرأنا ما يقوله الإفرنج عن تعريف الأدب بأنه (نقد الحياة) عجبنا من هذا التعريف، لأنا لا نرى الأدب العباسي ينقد الحياة، وإنما يصف نوعاً من حياة القصور، فأما الشعب فلم يوصف إلا قليلاً)
ولو كان أحمد أمين يدقق لعرف أن مقامات الهمذاني والحريري هي من الصميم في (نقد الحياة)
وكيف يكون وصف القصور بعيداً عن (نقد الحياة) يا أحمد أمين، وأنت تعرف أن القصور في تلك الأزمان كانت محور الحياة؟
وهل يستطيع الأدب أن يخرج على واجبه في (نقد الحياة) حين يتحدث عن الوزراء والملوك والخلفاء؟
وهل كانت المدائح والأهاجي إلا دساتير لحياة الناس في تلك الأزمان. . .؟
و (الشعب) الذي يتحدث عنه أحمد أمين هو نفسه الذي كان يتلقى المدائح والأهاجي بالقبول، وهو الذي كان يروي ما يقوله الشعراء في الرؤساء والملوك، فهو قد اشترك فعلاً في مسايرة الاتجاهات الأدبية في العصور الخالية
أحب أن أعرف رأي الأستاذ أحمد أمين في التصحيحات التي قدمناها إليه
ألا يزال يعتقد أن الهمذاني والحريري كانا يضعان دستوراً لحياة الصعلكة والتشرد والاحتيال؟
أيكون انتفع بهذا الدرس فعرف أن فن الهمذاني والحريري يقوم على أساس السخرية من بعض أخلاق الناس في تلك الأزمان؟
أحب أن أعرف كيف يحرم على أمثال الهمذاني والحريري أن ينقدوا المجتمع بالرسائل والقصائد والأقاصيص، وهو مذهب استحله كتاب الإنجليز والفرنسيين والألمان؟