محرر مجلة (الشعلة) فهو أقرب إلى خيال ناجي من هؤلاء الذين علت ذكرياتهم طبقات من غبار القرون. وما كان لناجي ولا لأحد منا نحن المجددين أن يلتفت هذا الالتفات، فنحن إنما نستمد الوحي الشعري من الحياة لا من الكتابة عن الحياة، ولا من الكتابة عن الكتابة عن الحياة. نحن نذكر حماد الشعلة لأننا نراه ونتصل به عن طريق الحواس، وهي صلة الفنان بالحياة؛ ولكننا لا نكتب عن العباسين لأننا لا نتصل بهم إلا عن طريق الكتب. . . والكتب نؤلفها نحن ويقرؤها غيرنا. . . إلا أن تكون بالطبع كتباً أجنبية، فدراسة ناجي لشكسبير أمر معقول، وليس كذلك ما كان قد يفعله لو لم يكن مجدداً فيدرس من يقولون إنهم أشباهه كابن الدمينة والعباس بن الأحنف.
قال الدكتور زكي مبارك: هذا بعض الفوارق بيني وبين ناجي ومدرسته الحديثة. فأنا منطيق ولا أرى كلام صالح يتمشى مع المنطق. أنا أدرس الحياة في حاضرها عن طريق الحس، وأدرس ماضيها عن طريق الدرس والخيال، وأدرس مستقبلها عن طريق التنويم المغناطيسي. ولقد أفدت من التنويم وما يتصل به من الدراسات أن صار في وسعي تعرف ما يجول بنفس محدثي من الأفكار والخواطر. وليس ذلك مجرد ذكاء، وإن كنت ذكياً وزكياً بالذال والزاي، ولكن عن طريق العلم والدرس. ولن تمر غير أشهر قلائل، فأجوز امتحان الدكتوراه للمرة الرابعة ولكنها ستكون في هذه المرة في (المازمارتيرم) وسيكون في استطاعتي أن أتعرف ما في الكتب دون أن أقرأها. فأكتب عن الشافعي مرة أخرى دون أن أعيد قراءة كتاب الأم، وأنقد شعر السيد الحميري، وإن كان شعره قد ضاع.
عود إلى حياة الدكتور ناجي
هو زعيم المدرسة الحديثة؛ ولهذه المدرسة طلبة وفيها مدرسون ولكن ليس لها دراسة ولا موضوع قابل للدرس. ولكن في التعليقات الشفوية المتفرقة على قصائد الشعراء المعاصرين مادة لو جمعت لكانت موضوعاً طريفاً لها. وهذا بعض ما سنتناوله في هذا الكتاب
وسنتبع طريقة أبي الفرج الأصفهاني في تحقيق الرواية والإسناد. ولن نخترع ولن نلفق إلا أن يكون ذلك من مستلزمات الكتابة. وكذلك كان يفعل الأصفهاني
ولقد ننسب إلى شاعر من غير شعره لأنه كان الواجب أن يقول هذا، فإن حاد عن هذا