للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الواجب فالذنب ذنبه هو ولا علينا أن نؤكد صدق الرواية. وسنضرب المثل المقنع بأن لنا الحق كله في ذلك

تتلخص الفكرة العامة لآراء المدرسة الحديثة في هذه النظرية: ما دمنا مجددين في اللغة العربية فالاقتباس عن الغرب تجديد لأنه في لغتنا سيكون جديداً. ولكن محاكاة العرب محرمة لأنها تكرار لما في هذه اللغة

إنهم لا يقولون ذلك ولكن أحسب هذا هو الذي يجب أن يقولوه. أما وقد قالوا غيره فالذب عليهم، وما دمت أدون آراءهم فهذه هي آراؤهم. أما الذي يقولونه فهو أنهم إنما يرون الجديد جديداً بصدوره عن انفعال نفسي جديد، وهم لذلك يزعمون أنهم ينكرون الاقتباس من الأدب الغربي كما ينكرون محاكاة العرب الأقدمين

ولكن الأمر لا يقف عند هذا بل حياة هذا الجيل مقتبسة من الحياة الغربية إلى حد كبير؛ فالاقتباس عن الغرب في الحياة ينشئ في الأدب اقتباساً أصيلاً لا يتنافى مع التجديد. وبذلك لا يختلف ما قلته عنهم في حقيقته مع ما يقولون، ولكن الذي ينكرونه من الإعراب عن الرأي الذي يدينون به يبيح محاكاة العرب والاقتباس من الغرب وعليهم القول وعليّ التوضيح

استطراد في الغرض من هذا الكتاب

وقبل أن نستأنف التحدث عن حياة الدكتور ناجي وشعره نقول إن أبا الفرج الأصفهاني كان يذكر شاعراً والموسيقار الذي لحن له. هذا في بعض العصور، وفي عصر آخر يذكر شاعراً ومن وقف الشاعر نفسه على مدحه أو هجوه، وفي عصر ثالث يذكر شاعراً وراويته، وفي عصر رابع يذكر شاعراً والأمير الذي يتولى رعايته أو يتولى خصومته

هذا بأن الشاعر في بعض هذه العصور كان يخشى على شعره من النسيان فيتخذ راوية. وفي عصر آخر كان لا يستطيع الحياة إلا في كنف أمير، وفي عصر ثالث لا يستطيع الحياة إلا مناوئاً مشاغباً، وهو في كل العصور على السواء محتاج إلى من يضع له ألحاناً لشعره، لأن الشعر غناء قبل كل شيء.

من أجل ذلك رأيت أن الشعراء المعاصرين ليسوا في حاجة إلى راوية فحسبهم من الرواية المطابع، وليسوا في حاجة إلى من يحميهم فللشعوب الآن ما كان للأمراء في سالف الزمان،

<<  <  ج:
ص:  >  >>