لقد تأدبت منذ أعوام طوال بأدب أبي منصور الثعالبي رحمه الله فتحدثت في رسائلي ومؤلفاتي عمن عاصرت من الرجال كما تحدث الثعالبي عن معاصريه من الكتاب والشعراء
فأين تكونون يا أدباء الجيل من هذا المسلك النبيل؟
إن أدباء العراق والشام ولبنان ينكرون عليكم ما تتهمونني به من حب الشغب والصيال، ففي جرائدهم ومجلاتهم وأنديتهم تحدثت عن أدباء مصر بالخير والجميل
بل أذهب إلى أبعد من ذلك فأصرح بأني عاديت كثيراً من الناس في سبيل الدفاع عن أعدائي من أهل الأدب والبيان. ولو شئت لأقمت الشواهد على صحة ما أقول
فكيف يصح أن يتهمني أدباء مصر بالتحامل عليهم وأنا الذي أحسنت السفارة عن الأدب المصري في كل بلد حللت فيه؟
الحق أن أكثر أدباء مصر يحبون أن يعيشوا مدلَّلين في زمن لا ينفع فيه الدلال!
الحق أنهم استمروا العافية من مكاره النقد الأدبي، فهم يصرخون كلما هجمنا عليهم لنعود إلى مهادنتهم من جديد
ولو أنهم فكروا قليلاً لعرفوا أني أؤدي الزكاة عن النشاط المصري. فقد شاع في كل أرض أن الأدباء المصريين تنكروا للنقد الأدبي ولم يعودوا يعرفون غير مقارضة الحمد والثناء
وأوجه القول مرة ثانية إلى من أغضبهم هجومي على الأستاذ أحمد أمين فأقول:
إن هذا الرجل أراد أن يؤرخ العصر العباسي من الوجهة الأدبية فجعله عصر معدة لا عصر روح، وشاء له أدبه أن يختص البصرة بحكم من أحكامه القاسية فزعم أنها عرفت (نقابة الطفيليين)
فهل خطر في بال هذا الباحث المفضال أن البصرة عرفت أكرم نوع من نكران الذات حين كانت مهداً لإخوان الصفاء؟
هل خطر ببال أن البصرة حين آوت هؤلاء الباحثين العظماء قهرت التاريخ على أن يشهد لها بقوة الروحانية؟
ومن الذي يصدق أن رسائل إخوان الصفاء وهي أعظم ذخيرة أدبية وفلسفية وضعت أصولها في البلد الذي زعم أحمد أمين أنه أنشأ أدب التطفيل؟