وفي ربيع عام ١٩١٤ ذهبا إلى لندن حيث عقدا زواجهما وتعرفا هناك إلى الشاعر الشاب روبرت بروك الذي راح ضحية الحرب. وكان لورنس من أعدي أعداء الحرب لا يني عن مهاجمة مبدئها وإظهار سخطه عليها. وفي ذلك الوقت ظهرت روايته (قوس قزح) فقال الناس عن كاتبها إنه مجنون يشكو من عقدة جنسية، وأمرت الحكومة بمصادرة الكتاب وإحراق كل النسخ التي ظهرت منه، وحتى أصدقاؤه الذين كان ينتظر منهم أن يؤازروه في محنته ويقفوا إلى جواره انفضوا من حوله وانهالوا عليه نقداً وتجريحاً. عند ذلك أقسم لورنس أنه لن يكتب رواية أخرى بعد ذلك، وقد بر بقسمه خمس سنوات، وكان يعتقد أنه رجل سابق لعصره، يراه الناس بعيداً عنهم فيبدو في نظرهم صغير الجسم ضئيل الحجم، ولو أنهم أوسعوا خطاهم واقتربوا منه لرأوا فيه رجلاً أعظم منهم وأكبر حجماً
وذهب بعد ذلك إلى مقاطعة كورتوول يقضي بها سني الحرب، ولكن كانت زوجته الألمانية سبباً في خلق كثير من الصعاب في طريقهما فظن مواطنوه أنه يتجسس للألمان فكانوا يقتحمون منزله كل يوم ويقلبون أثاثه ويبعثرون أوراقه حتى يتأكدوا من حسن نياته. وحدث مرة أن كان عائداً مع زوجته وهو يحمل حقيبة على ظهره، فلم يكد يراه حرس السواحل حتى انقضوا عليه بحجة أنه يحمل آلة تصوير في الحقيبة، وتسابقوا إلى فتحها ولخيبتهم لم يجدوا بها سوى رغيف من الخبز. وكان لورنس يصبر على كل هذه المكاره على مضض حتى زاره ضابط في منزله ذات يوم وقرأ عليه أمراً حكومياً يقضي بأن يغادر مقاطعة كورتوول في بحر ثلاثة أيام على الأكثر. استشاط لورنس غضباً عند سماع هذا الاتهام الصريح في أعز شيء لديه، فهو الذي كان يفني نفسه حتى يرفع من شأن مواطنيه ويدلهم على طريق الحياة الصحيح ويعلمهم ما لا يعلمون، ثم يتهم في وطنيته وإنجليزيته، كانت هذه أقسى ما ناله من الطعنات
وصل لورنس إلى لندن إبان شن الغارات الألمانية الجوية عليها فكان جميع أهل لندن يلجئون إلى الأقبية والمخابئ فراراً من هذه الغارات، ما عدا لورنس الذي كان يرفض أن يترك فراشه أثناءها
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ذهب وزوجته إلى فلورنسه ومنها إلى جزيرة كابري