أليس فيهم الذي يقول:
وإني لأرضى من بثينة بالذي ... لو أبصره الواشي لقرت بلابله
بلا، وبألا أستطيع، وبالمنى ... وبالأمل المرجوّ قد خاب آمله
وبالنظرة العجلى، وبالحول تنقضي ... أواخره لا نلتقي وأوائله
أليس فيهم الذي يقول:
ولو سلك الناس في جانب ... من الأرض واعتزلت جانباً
ليمعتُ طِيتها إنني ... أرى حبها العجب العاجبا
أليس فيهم الذي يقول:
وإني لأستحييك حتى كأنما ... عليّ بظهر الغيب منك رقيب
ولو أنني أستغفر الله كلما ... ذكرتك لم تكتب عليّ ذنوب
إن تفصيل ما امتاز به شعراء العصر الأموي في النسيب يحتاج إلى كتاب خاص سيؤلفه أحمد أمين يوم يعرف أن الأدب لا يكال بمكيال ولا ينظر إليه بالعد والإحصاء
إن من أعجب العجب أن يقال إن الشعراء الأمويين لم يبتكروا شيئاً في التشبيب، وهم الذين أمدوا لغة العرب بثروة وجدانية ستعيش ما عاشت لغة القرآن
ألا يكفي أن يكون العصر الأموي قد ابتكر الاستشهاد في الحب؟
ألا يكفي أن يكون ذلك العصر هو الذي خلق شخصية مجنون ليلى، وهي شخصية شرَّق سحرها وغرب، فكانت لها أصداء عند الشعراء من أهل الشرق وأهل الغرب؟
ألا يكفي أن يكون العصر الأموي هو الذي فهم أن الحج من المعارض الدولية للصباحة والملاحة والجمال؟
ألا يكفي أن يكون شعراء العصر الأموي هم الذين أذاعوا بين الناس فتنة الهيام بأسرار الوجود؟
ثم ماذا؟
ثم جهل الأستاذ أحمد أمين أن العصر الأموي هو العصر الذي تفرد بإجادة الأراجيز، ولكن هل فكر أحمد أمين في الأراجيز الأموية؟
الحق أن العصر الأموي يحتاج إلى أدباء عظام يسجلون فضله على اللغة العربية، ففي ذلك