وجماعة علي، فكان ما كان مما لا نتعرض له في هذه الكلمة لأن أمره مشهور معروف. وسميت هذه الحرب الجمل لأن عائشة كانت فيها في هودج على جمل؛ وانقشعت هذه النكبة المؤلمة عن عشرة آلاف قتلوا على أقل تقدير.
رحم الله عائشة، لقد كانت المرأة الوحيدة في التاريخ التي قوضت مركز خليفة وحاولت نصب خليفة، وأعلنت حرباً وقادت جموعاً ثم أرادت تحاشي القتال؛ فخرج الأمر من يدها إلى يد غوغائها شأنها في ذلك شأن علي رضي الله عنه، فكان ما ترتعد له فرائص كل مسلم، كلما ذكر فتنة الجمل وما استتبعت من ويلات.
فلنطو أمر هذه الحرب، ولنذكر أن عائشة نفسها صارت كلما ذكرتها بكت حتى تبل ثيابها ندماً وتوبة. ولننظر كيف كان معاوية الداهية الحليم يداريها ويخشى بأسها
بقى الناس ينظرون إلى السيدة عائشة وسائر أمهات المؤمنين نظرهم إلى الموئل الذي يسعهم كلما نزلت بهم نازلة. هذا إلى نظرة التقديس والإجلال التي كانت تزداد كلما امتد الزمن وبعد عهد الناس بزمن الرسول. فكانوا - زيادة على قصدهن للتعليم والاستفادة - يشكون إليهن ما يلقون من عنت الأمراء وحيف الحكام، وكن يتوسطن لهم بما لهن من النفوذ والطاعة على جميع المسلمين: الخلفاء فمن دونهم. سألها رجل كتاباً توصى به زياداً في العراق، فلما قرأه زياد قضى حاجة الرجل وأكرمه، وكان أهم ما دفعه إلى التلبية أنها نسبته فيه إلى أبي سفيان، فجعل زياد يعرض الكتاب على كل زائر مزهوّاً به فرحاً. وقد حسب لها معاوية أكبر الحساب فجعل يداريها ويلاطفها ويكتب إليها يسألها مرة عن حديث، ومرة طالباً موعظة وما به من حاجة إلى سؤال ولا طلب، وكان جانبها أعظم ما يخشاه. أحرق قائده معاوية بن خديج جثة أخيها محمد في مصر؛ فبلغها فجزعت أشد الجزع، وصارت تقنت على معاوية وعمرو بن العاص دبر كل صلاة ولما أراد معاوية البيعة ليزيد كان صوت أخيها عبد الرحمن أقوى صوت ارتفع بالمعارضة فجبه والي معاوية على المدينة مروان بن الحكم بقوله الصادع:(جئتم بها هرقلية كسروية كلما مات كسرى قام كسرى) ولما نال مروان من أخيها بالكلام لقي من السيدة ما لم يكن في حسبانه حتى تذلل لها وخاف بأسها ثم تكفل دهاء معاوية بالباقي حتى غاب صوت الحق في إنكار هذه البدعة التي ابتدعها معاوية في أصول الحكم. ولم تتنح السيدة عن معالجة الشؤون العامة، ولولا