للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصحراء؟

وما رأي أحمد أمين في حيوان الصحراء؟

أليس من الطبيعة؟ هو من الطبيعة بلا ريب، وقد تعقبه شعراء الشام والعراق بالوصف والتحليل

إن أحمد أمين لا يرى الطبيعة إلا في الشجرة والزهرة، ولو قال هذا رجل غيره لقلنا إنه ينظر إلى الوجود نظرة عامية.

فهل يتفضل الأستاذ أحمد أمين فيدلنا عمن أخذ هذا التعريف؟

إن الطبيعة لها مظاهر كثيرة جداً، فهي تشمل الإنسان والحيوان والنبات والجماد، وهي تشمل كل ما تراه العيون، أو تحسه القلوب، أو تدركه العقول

فكيف جعلها مقصورة على الشجرة والزهرة؟

ومع ذلك هل قصر شعراء الشام والعراق في وصف الأشجار والأزهار؟

وكيف وهم الذين أذاعوا بين الناس أن النظر إلى الخضرة يزيد في نور العيون؟

هل يذكر أحمد أمين كم ألوفاً من المرات ذكرت الأشجار والأزهار والرياحين في أشعار أهل الشام والعراق؟

هل يستطيع أن يدلنا على شاعر واحد لم يوجه قلبه وشعوره إلى المظاهر الطبيعية؟

وهل يصير الرجل شاعراً إلا بعد أن ينطبع إحساسه بمظاهر الوجود؟

أترك هذه الجوانب وأنتقل إلى حكمه على الشعر المصري، فالشعراء المصريون في نظره لم يكونوا إلا مقلدين لشعراء الشام والعراق. . .

ولأحمد أمين في هذا الحكم الجائر عذر مقبول، لأنه لم يدرس الشعر المصري دراسة تمكنه من الحكم له أو عليه، فلو كان من المطلعين لعرف أن الشعراء المصريين وصفوا بلادهم وتحدثوا عنها بأقوى العواطف، وتغنوا بمحاسن بلادهم أجمل غناء.

وهل رأيتم شاعراً أحس الطبيعة كما أحسها ابن النبيه إذ يقول:

إذا نُشرتْ ذوائبهُ عليه ... حسبتَ الماَء رفَّ عليه ظلُّ

وهل في العربية شاعر صور أوهام بلده وما فيها من مختلف الأحاسيس كما صنع البها زهير؟ وهل عرفتم شاعراً شرب من كوثر الوجود كما شرب ابن الفارض؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>