للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما رأيُ حضرة الأستاذ في الأشعار العراقية والشامية والمصرية التي صورتْ ثورة أصحابها على الدنيا والناس؟

أيظن أن شعراء العصر الأموي والعباسي في تلك الأقطار تحدثوا عن زمانهم ودنياهم، كما تحدث الجاهليون؟

لقد نشأ في الشعر فنٌ يسمى (شكوى الزمان) فهل يراه من وصف المجتمع؟ أم يراه من الثورات النفسية؟

إن كان من وصف المجتمع؛ فهو ثروة عظيمة تنقض رأي أحمد أمين، وإن كان من الثورات النفسية فهو أيضاً من وصف المجتمع لأنه شرح لأسباب الثورة على الدنيا والناس

لو كان أحمد أمين كلف نفسه عناء الاطلاع على ديوان أو ديوانين قبل أن يصدر تلك الأحكام الخواطئ، لعرف أن من المستحيل أن تكون تلك الثروة الشعرية من لغو القول. فقد حفظ التاريخ الأدبي أكثر من مائة شاعر من الفحول في مصر والشام والعراق، وهؤلاء المائة - ولا نقول المئات - كانت لهم مذاهب في وصف الطبيعة، والتحدث عن المجتمع، والأنس بالحياة أو التبرم بالوجود

وكانت لهم بجانب الشعر فقرات نثرية صوروا فيها آرائهم في حياة المجتمع. وهل كانت رسائل الخوارزمي وبديع الزمان وابن وشمكير إلا صوراً للأحداث الاجتماعية والسياسية؟

وهل يحتاج الباحث إلى النص على أن الشعراء والكتاب كانت تراجمهم فرصة لدرس مشكلات السياسة والمجتمع؟

من الذي يقول بأن شعراء مصر والشام والعراق لم يشتركوا في توجيه بلادهم إلى الأغراض السياسية والاجتماعية؟ وهل كان الشعراء في تلك العهود إلا ألسنة السياسة والمجتمع؟

قد يقال: وأين تقع الأشياء التي تجافت عن السياسة والمجتمع؟

وأجيب بأنه ليس من المحتم أن تكون الأشياء كلها في السياسيات والاجتماعيات، إن صح أن وصف الدقائق الذوقية والوجدانية لا يمس المجتمع

ومن الذي يوجب أن تكون صورة المجتمع مقصورة على الصلات بين الفقراء والأغنياء،

<<  <  ج:
ص:  >  >>