فأودعها في بعض قصصه ودافع عنها في حماسة ويقين، فهو وان كان يكتب بلغة أسبانية، إلا انه كان يفكر قبل كل شيء بروح عربي، وقد خلف وراءه أنصارا يحاولون اليوم جهدهم تحقيق ما كان يصبو إليه من إعادة الحضارة العربية إلى (الفردوس الإسلامي المفقود) كي تنتعش النهضة الحاضرة من تراثها الخالد، وإعادة التعليم باللغة العربية - مفتاح الثقافة الإسلامية في إسبانيا - ونشرها بين الجامعة ودراسة آدابها العالية؛ وسوف يكون شأنهم بالنسبة لها في أوربا شأن الموارنة عندما خدموها في الشرق خلال العصور الغابرة.
ينشر ايبانيز ظلال أفكاره هذه على صفحات روايته (في ظل الكنيسة) فتراه يمجد من شأن هذا الروح العربي ويصف شعوره على لسان أحد أبطال قصصه فيقول:
(إن تاريخ إسبانيا الباهر لم يأت إليها من الشمال ولا من الكنيسة، بل من الجنوب ومن العرب، هؤلاء الرجال سمر الوجوه الذين وصلوا إلى شواطئنا في القرن الثامن من شمال أفريقيا بعد أن سيطروا في انتصاراتهم على أرقى الشعوب، حملوا إلينا الحضارة والتمدن، حضارة أجيال امتزجت ببعض، قوامها فلسفة الهند وثقافة الفرس وآداب اليونان وفن البيزانطيين وأشياء أخرى من الشرق ومن الصين.
(احتضنت إسبانيا العرب، ومكنتهم في مدى عامين من أن يستولوا على حضارة سبعة أجيال، رحب الشعب بهم لأنهم فكوا وثاقه من استبداد ملوكه السابقين، وكان استعمارهم استعمار الحضارة والنور والتسامح الديني لا استعمار الوحشية والسلاح!
(وعندما استوطن العرب إسبانيا، جعلوها. . كالولايات المتحدة الأمريكية) في العصر الحاضر، تعيش فيها جميع الأديان في حرية ومساواة، من غير تحيز ولا تعصب، وفي الوقت الذي كانت شعوب الشمال تعيش في ظلمات الجهالة وتتطاحن في الحروب الدينية وتختلط بالأقوام البربرية، كان العرب والإسبان واليهود، يعيشون كتلة واحدة في وئام، يعملون في سبيل إسعاد إسبانيا ورفاهية شعبها، فتأسست دور العلم والجامعات وازدهرت الفنون وارتقت العلوم ونشطت المواردالاقتصادية وبدأت إسبانيا تستيقظ لتشهد أنوار فجر جديد!
(وماذا عمل ملوك الكثلكة الذين أتوا إلينا من الشمال بعد ذلك؟ نشروا الإرهاب ومحاكم