أتريد أن تنصب عليك السعادة من السماء بدون انقطاع؟ هذا كثير على نصيب الإنسان. داء الشك الذي وقعت فيه لن تشفى منه إلا بنفسك، وبرغم أن يقظتك تعسة فإنني لا أملك علاجا أنقذك به من خيالك واحلامك؛ أنا لم أضع شيئا للنفوس التي هي أمثال نفسك إلا أنني لقحتها بالاضطراب الذي لا مفر منه
أيها الجاحد! قد لعنت العقل ونسيت النعم التي حباك بها.)
وها هو ذا روفائيل يحاول أن يقود صديقه إلى الحقيقة فيكتب له:
(ما الشك - يا صديقي - إلا حدة العقل الإنساني في ثورته. على أن الهزة الشاذة التي تصيب النفس النامية يجب إلا تؤول بها إلى تأييد صحتها، وتثبيت وجهتها، وكلما كان الخطأ بعيدا كان الظفر بالحقيقة أكثر خطراً. وكلما كثرت عوامل الشك في الإنسان كان أكثر لجاجة في تحري اليقين)
وكتاب روفائيل الأخير يقر بتأثير مدرسة (كانت) الفيلسوف. وفي تلك الأثناء كان شيللر يقف أجدر ما كتبه (كونسبرغ) بالمطالعة من تصانيف فلسفية. فقرأ فيها بان أفكارنا وآراءنا التي نراها، قد يمكن إلا يكون لها خارج عقلنا حقيقة مدركة. ومثل هذا المذهب يوافق كل الموافقة مذهب شكه، بل يذهب شيللر إلى أبعد من ذلك، فبينما كان (كانت) يحرص على شيء من الحكمة في (العقل المكتسب) إذا بشيللر يسلخ عن (الكانتيسم) هذه النتيجة التي تجعل الواجب شيئاً مجرداً والفضيلة حلماً.
والآن فلنتل بعض مقطوعاته نر فيها هذا الشك بارزاً بألوان مختلفة يفيض على جنباتها، ونرى الجمال الفني أسمى صفاتها. أما المثل الأعلى فأنت مجهد نفسك باطلا لتقف عليه. لأنه هو حلم , يقول:(لقد خمدت تلك الشمس التي كانت تضئ أيام فتوتي. وذهبت رسوم ذلك العالم الكامل الذي كان يهجس به ضميري. وضاع إيماني الجميل بتلك الأشياء التي كانت تخلقها لي أحلامي الوادعة الإلهية.)
كان الشاعر يسأل. ما هو الوجود؟ وأين يذهب؟ وما يحول؟ والإنسان نفسه ما هو؟
هو في بعض أحيانه:
(كحاج في ربيع أيامه، وقف في الطريق يستخفه الطرب فسمع صوتا يهتف به: سر وثابر