بريطانيا العظمى على مبدأ الأخذ والإعطاء، على ما كان له من الفوائد المحققة لسائر الأمم
وقد بدأت اليابان تطالب بمنطقة لا نعلم ماذا سيكون من أمرها بعد، إلا أنه مما لا شك فيه أن ذلك الموقف المريب في الصين، يضيف أزمة خطيرة إلى أزمات أوربا العديدة
فإذا فقدت الهند من بريطانيا وفقدت إلى جانبها مستعمراتها في الشرق الأقصى، فقد زالت زعامة الجنس الأبيض من الوجود إذ أن ذلك سيتبعه ولا شك مطالب لا تحد لسائر الأجناس في أنحاء العالم، فتعاني أوربا ما تعاني من جراء ذلك، ولا يخفى أثر هذه الصدمة على الولايات المتحدة
فإذا كان للمدينة البيضاء أن تحتفظ بمكانتها في العالم، فمن الواجب أن تقوم قوة دولية عظيمة بالاضطلاع بما يمليه هذا الموقف الخطير من الواجبات السياسية والحربية.
وقد قامت إنجلترا بواجباتها زهاء قرن ونصف قرن. وتبعتها فرنسا في شمال وغرب أفريقيا. وهاهي ذي ألمانيا تحاول السيادة الدولية منذ ١٩١٤ - ١٨، ولا يشك أحد ممن يتتبعون مجرى الحوادث في أوربا لحظة واحدة في أنها تعود ثانية إلى التفكير في تلك المحاولة.
إن عالما تسوده ألمانيا لابد أن يختلف كل الاختلاف عن العالم الذي نعيش فيه تحت نفوذ بريطانيا، وعلى ذلك يصح لنا أن نتساءل: هل الولايات المتحدة على استعداد لقبول مسئولية السيادة الدولية إذا احتاج الأمر إلى ذلك؟
وهنا يظهر موقفان: الأول أن الولايات المتحدة يجب أن تحمي القارة الأمريكية ولا تتجاوز هذا الحد. والثاني رغبتها الأكيدة في حماية الإمبراطورية البريطانية من الهزيمة إذ أن سقوط بريطانيا يؤثر تأثيراً سيئاً على مركزها في العالم.
ويصر الرأي العام في الولايات المتحدة على الرأي الأول. ولكن هناك حركة يقوم بها بعض رجالها السياسيين تجعل الأمل كبيراً في ترجيح الرأي الثاني.
إن الولايات المتحدة ليست على استعداد لأن تحل محل الإمبراطورية البريطانية في السيادة الدولية، ولكنها مع ذلك لا تسمح بتحطيم القوة البريطانية.