إزاءه. ثم يستقل بعد ذلك كل منا بنتائج خاصة به يخلص بها من الظاهرة التي يتلمسها في آثار أحمد أمين
نقول هذا معتقدين أن صديقي بشر لو رجع اليوم وألقى نظرة على ما كتب في هذا الشأن لما رضى ما كتبه. وهو معذور - على كل حال - فيما كتبه عنا بهذا الشأن، فيظهر أنه كان يكتب كلمته وهو في حالة انفعالية. على أن التشابه بعد ذلك بين ما كتبناه وبين ما كتبه زكي مبارك عن صاحبه أحمد أمين شكلي محض، لأن أحمد أمين عند زكي مبارك رجل تقديري النظر شكلي، ومن هنا جاء عدم نجاحه في تقييد الخطرات والسانحات التي تطوف بالنفس من حين إلى حين. وبشر عندي رجل بحاثة قدير في الموضوعات التي يديرها سنين في ذهنه ويستقصيها على وجوهها بالبحث والتمحيص. ومن هنا يجيء ما في أبحاثه من التحليل وما في الكتابات التي يرسلها من ذهنه دون أن يديرها وقتاً في رأسه من إخفاق راجع إلى فقدان العنصر الأساسي لقيام التحليل عنده والتقدير، وهو الزمن الذي يعطيه الفرصة على إدارة الشيء في ذهنه حتى ينزل لمقوماته وأسبابه
٤ - تهكم صاحبي بشر في الهامش بتحقيقاتنا عن قضية ميلاد توفيق الحكيم. وعجب هو كيف أنكر على توفيق شيئاً يؤكده هو بنفسه. وكنت أظنه فاطناً إلى الأسباب الجوهرية الدافعة إلى ذلك، وهي مبثوثة في أكثر من موضع في دراستي (ص ٧٩ مثلاً من الطبعة الخاصة). بيان ذلك أننا نرى طبيعة توفيق الحكيم مترددة تبعده عن الصراحة. أما الأسباب التي حدتنا إلى ذلك فبيانها موجود في كتابنا بالإسهاب. ولهذا وقفنا موقف الحيطة مما ألقاه إلينا الأستاذ الحكيم بشأن ميلاده. وحققنا على طريقتنا تاريخ حياته، فكان من ذلك أن رفضنا التاريخ الذي قال إنه تاريخ ميلاده. . . ومن المهم أن تحقيقاتنا التي كانت للأمس عند الأستاذ بشر فارس موضع الاعتبار أصبحت في ثورة غضبه موضع الغمز والتهكم. ومع هذا فالكل وقفوا منها موقف التدبر. وقد كان من المستطاع أن أسوق الشهادات آخذاً بعضها برقاب بعض مما يؤيد تحقيقاتي من زملاء توفيق الحكيم وأصدقائه وبعض الذين اطلعوا على ملف خدمته بوزارة المعارف وفيها شهادة ميلاده، ولكن لأننا لم نستأذن أصحاب هذه الشهادات في النشر فقد اكتفينا بالتنويه. والدكتور بشر نفسه يعرف بعض هؤلاء وسمعه بنفسه منهم حينما مرّ بالإسكندرية في طريقه إلى أوربا.