للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والجغرافيا. . . (ص٣٠١).

لا يجهل المؤلف المقاومة التي ستلقاها فكرته هذه من مختلف المحافل والبيئات فيقول: (أنا أسمع في أثناء إملائي هذه الكلمات صياح الصائحين وأحس هياج الهائجين، وأشعر بما سيثور من سخط، ولكني مع ذلك مقتنع بما أقول، مذعن بصواب ما أدعو إليه، ملح في هذه الدعوة، غير حافل بالرضا ولا بالسخط، ولا مُعنى إلا بما أعتقد أنه يحقق المنفعة الثقافية للمصريين. . .) (ص٣٠٠).

إن هذه الاقتباسات التفصيلية، التي لخصت فيها آراء الدكتور طه حسين - دون أن أبدي شيئا من موافقتي لها أو اعتراضي عليها - تبين بكل وضوح وجلاء أن مسألة (اللاتينية واليونانية في مصر) تطورات تطورا غريبا ووصلت إلى طور حاد يحتاج إلى قرار حاسم.

هذه المسألة لم توضع على بساط البحث في محافل المعارف والتربية في سائر الأقطار العربية؛ غير أن إثارتها ومناقشتها في مصر بهذه الصورة مما يجب أن يحمل المحافل المذكورة أيضا على التفكير في أمرها، لتكوين رأي صريح فيها، واتخاذ قرار معقول في شأنها. . .

ولهذا السبب، رأيت من واجبي أن أتدخل في هذا البحث الذي يثيره الدكتور في كتابه، وأبدى ما لديّ من الملاحظات حول هذه المسألة. . .

إنني أعتقد أن الطريقة المثلى لحل أمثال هذه المسائل هي:

أولا: درسها من وجوهها الأوربية البحتة درسا صحيحا مجردا عن كل فكرة قبلية مع ملاحظة العوامل التاريخية التي أثرت عليها في الماضي والمذاهب الفكرية التي تحوم حولها في الحاضر. . وبعد ذلك الإقدام على التفكير في المسألة من وجهة أحوال بلادنا وحاجات أمتنا، مع الاستنارة بالاختبارات التي تكونت والآراء التي تبلورت حولها في أوربا.

وإني عملاً بما تقتضيه هذه الطريقة أبدأ بحثي بإلقاء نظرة إجمالية على تاريخ مسألة تعليم اللاتينية واليونانية في البلاد الغربية فأقول:

من المعلوم أن اللغة اللاتينية كانت لغة روما في القرون الأولى غير أنها صارت بعد ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>