ولو أن الكلام الذي قاله الأستاذ أحمد أمين وقع من رجل غيره لقلنا انه يشايع أعداء العروبة والإسلام، ولكن الأستاذ أحمد أمين بالتأكيد سليم الضمير من هذه الناحية، فهو لم يخطئ عن عمد، معاذ الله، وإنما أخطأ عن جهل، فكان تنبيهه من أوجب الواجبات. ولعله يراجع نفسه فيعرف أننا لم نقدّم إليه غير الجميل.
وهل نحتاج إلى إقامة الدليل على حسن النية فيما صنعنا مع هذا الصديق؟
لقد كان ناس يتوهمون أننا حاربنا الدكتور طه حسين لأغراض شخصية، وكان الدكتور طه يلوذ بظل هذا التوهم فلم ينبر للرد علينا غير ثلاث مرات، أو أربع مرات، بأسلوب واضح صريح؛ ثم شاء له الحذر والاحتراس أن يوهم قراءه وسامعيه بأننا نحاربه لغرض خاص وأنه يرى من العقل ألاَّ يقدم الوقود للأغراض الشخصية. ثم دارت الأيام واعترف الدكتور طه علانية أمام جمهور من أقطاب الرجال بأن زكي مبارك من أصحاب العقائد في حياته الأدبية ويجب أن ينظر المنصف إلى مصاولاته في النقد الأدبي بعين الرفق والعطف.
فكيف جاز للأستاذ أحمد أمين أن يهرب من الرد علينا بحجة أننا نشتمه ونؤذيه بلا سبب معقول، ثم يكتفي بأن يوجه إلينا أبياتاً فيها لوثة جاهلية لا تصدر عن رجل في مثل آدابه العالية، وهو يعرف في سريرة قلبه أننا أصدقاء منذ عهد بعيد، ويعرف أني احفظ له من الود ما لا يحفظه إلا الأقلون؟
وكيف جاز له أن يظن أني تآمرت مع صاحب (الرسالة) عليه، مع أن مقالاتي في الرسالة قد تنتهي بخصومة بيني وبين الزيات، لان الزيات سامحه الله قد حذف من مقالاتي فقرات كثيرة رعاية لصديقه العزيز أحمد أمين؟
أتريدون الحق أيها القراء؟
الحق أني أعيش في غربة موحشة بين إخوان هذا الزمان فالأستاذ أحمد أمين كان ينتظر أن أمتشق قلمي لتزكية أحكامه الخواطئ على الأدب العربي، والأستاذ الزيات كان ينتظر أن أرد على أحمد أمين بأسلوب رقيق شفاف يحاكي نسائم الأصائل والعشيات على ضفاف النيل!
فكيف غاب عن هذين الصديقين أني رجل له غضبات؟
كيف غاب عن هذين الصديقين أن الأدب العربي وصل إلى دمي وروحي وأني أزدري من