أما بعد فقد كان موضوع هذا المقال هو النص على خطأ هذا الصديق في السخرية من الأدب الأندلسي.
فهل اتفق لهذا الصديق أن يدرس أدب العرب في الأندلس؟
إني لا أزال أذكر كيف أحرجني تلاميذي بدار المعلمين العالية في بغداد، فقد حدثتهم مرة عن قيمة أحمد أمين فانبرى أحدهم يقول: إن أحمد أمين من ذيول المستشرقين. فقلت: وكيف كان ذلك؟ فقدموا إليَّ مقدمة الجزء الثالث من كتاب ضحى الإسلام وفيها يصرح المؤلف بأن تصميم الكتاب كان يوجب أن يكون له جزء رابع خاص بالأندلس، ولكن أحد المستشرقين نبهه إلى أن الأندلس في ذلك العهد لم تكن فيه حياة عقلية تستوجب أن يفرد لها جزء من كتاب، فانصرف عن تأليف ذلك الجزء المنشود!
وفي مساء ذلك اليوم كان عندنا العشماوي بك والدمرداش محمد، ودار الحديث حول المؤلفين المصريين فانبرى الأستاذ الدمرداش يثني على الأستاذ أحمد أمين فقلت: ولكن أحمد أمين صرح في مقدمة الجزء الثالث من ضحى الإسلام بكيت وكيت، فقال: هذا مستحيل، هذا مستحيل. ولولا حضور العشماوي بك لثارت معركة بيني وبين الأستاذ الدمرداش!
والحق كل الحق أن الأستاذ أحمد أمين لا يعرف الأندلس إلا معرفة سطحية. وآية ذلك أن الأدب الأندلسي لم يدرس في كلية الآداب منذ عشر سنين.
فهل نستطيع مرة ثانية أن نتلطف فندعو الأستاذ شفيق غربال إلى إنشاء كرسي للأدب الأندلسي في كلية الآداب؟
قد يعتذر العميد الجديد بأن الدكتور طه حسين صرح مرة بأنه لا يجوز لأستاذ أن يتصدر لتدريس الأدب الأندلسي وهو لم يطلع على غير كتاب نفح الطيب.
ولكني أؤكد للأستاذ شفيق غربال بأن مصر لا تخلو من رجال درسوا الأندلس في المصادر العربية والمصادر الأجنبية، ولهم قدرة على تجلية ذلك الأدب بأسلوب رائع جذاب، وهو خليق بأن ينتفع بمواهبهم حين يشاء.
وبأي حق تكون كلية الآداب أعظم معهد أدبي في الشرق إذا عز عليها أن تحيط بتاريخ