العرب في الأندلس من نواحيه الأدبية والفلسفية والتشريعية؟
وكيف يجوز أن يعجز علماء مصر عما قدر علية علماء الفرنسيين والإنجليز والأسبان؟
إن مصر هي بلا جدال أعظم الأمم الإسلامية والعربية في الشرق. فكيف تعجز عن درس تاريخ العرب والمسلمين في الغرب؟ وكيف يصح لأبنائها أن يكونوا عالة على المستشرقين في الشؤون العربية والإسلامية حتى يجوز لأحد أساتذة كلية الآداب ألا يتقدم في أبحاثه أو يتأخر إلا بعد أن يظفر من المستشرقين بإذن خاص؟
قد تقولون: وهل انحصرت التبعات العربية في كلية الآداب؟
وأجيب بأن كلية الآداب تأخذ من أموال الدولة أعظم مما تأخذ سائر المعاهد المشغولة بالدراسات الأدبية والفلسفية، فهي مسئولة عن درس فتوحات العرب والمسلمين في المشرق والمغرب، وإليها المرجع في توجيه الشبان إلى فهم ماضيهم المجيد في خدمة الحضارة والمدنية، وإقناعهم بأن أسلافهم سادوا العالم بضعة قرون، ولذلك تأثير كبير في خلق الجيل الجديد.
فهل يعترف بذلك صديقنا أحمد أمين؟
وهل تعترف به الجامعة المصرية؟
لقد قضيتَ نحو خمسة عشر عاماً وأنا أدعو إلى تدريس العلوم باللغة العربية في كليات الجامعة المصرية، فكان المتخلفون من أساتذة العلوم يعتلون بأن اللغة العربية تعوزها المصطلحات في كثير من الشئون، وظلوا على تهاونهم إلى أن كتب معالي الدكتور هيكل باشا إلى سعادة مدير الجامعة يقول: إنه لا يفهم كيف تعجز اللغة العربية عن تأدية المعاني العلمية. وكانت تلك الإشارة كافية لأن يعرف أساتذة الكليات أن تدريس العلوم باللغة العربية ليس بالمستحيل، وكانوا يرونه قبل ذلك أبعد من المستحيل!
لقد قضت الجامعة المصرية أعواماً طوالاً وهي تدرس العلوم باللغات الأجنبية، ولم تعرف وجه الحق في إعزاز اللغة القومية إلا بعد أن ينبهها وزير المعارف، أثابه الله وجزاه خير الجزاء!
فهل يعلم الذين قاوموا هذه الفكرة من قبل أن الجامعة العبرية بالقدس تدرس جميع العلوم باللغة العبرية مع أن لغة بني إسرائيل ليس لها ماض في خدمة العلوم، ومع أن النوابغ من