وهل في الأدب حُسنٌ وقبح؟
الأدب جِدُّه جِدٌّ وهزله جُّد، ولا يعاب عليه إلا ما غلب عليه التكلف والافتعال، كالذي يقع من بعض الناس حين ينشئون مقالات لم تخفق لها قلوبهم، وإنما ينشئونها ليقال إنهم خالفوا الجمهور في كيت وكيت، أو ليجعلوها وسيلة لاجتلاب مقالات الكتاب بالمجان لتخفيف أعباءهم في تحرير الجرائد والمجلات.
ماذا أريد أن أقول؟
إن الترفق بالأستاذ أحمد أمين يصرفني عن كلمة الحق.
ولو رزقني الله الشجاعة لقلت إن هذا الرجل يتجنى على الأدب العربي لأنه لم يعرفه معرفة صحيحة، ولو قد عرفه حق معرفته لأدرك أنه خليق بأن تبذل في سبيله نفائس الأعمار من أحرار الرجال.
ولو أن أحمد أمين كان تذوق الأدب العربي لأيقن أنه خليق بأن يتعصب له الباحثون، ففي هذا الأدب نفائس تغفر له جميع الذنوب.
ما رأي أحمد أمين في كتاب (لسان العرب)؟ وما رأيه في كتاب (الأغاني)؟ وما رأيه في كتاب (نفح الطيب)؟ وما رأيه في كتاب (عيون الأخبار)؟ وما رأيه في كتاب (إحياء علوم الدين)؟
إن كتابا واحدا من هذه الكتب كاف لأن ينتهب حياة طيبة مثل حياة أحمد أمين، وهو خليق بأن يرفع رأس العرب بين سائر الممالك والشعوب.
وما رأي أحمد أمين في (ألفية أبن مالك) وهي من المنظومات النحوية والصرفية؟
هل خطر بباله أن هذه المنظومة شغلت مئات من العلماء؟
وهل مرّ في خاطره أنها تُرجمت إلى التركية منذ أمد بعيد؟
وهل يعرف كيف تترجم مثل هذه المنظومة إلى اللغة التركية؟
وهل يعرف من الذي قرظ ترجمتها من علماء الأزهر الشريف؟
إن هذا الصديق كان يتوهم أن مصر خلت من المتبحِّرين في الدراسات الأدبية واللغوية، وكان ينتظر أن يشطح وينطح بلا رقيب ولا حسيب.
وما كان يهمني أن أصحح ما وقع فيه من أغلاط لو لم يكن أستاذاً بكلية الآداب، فتلك الكلية