هي أول معهد فرضته الأمة على الحكومة ورفعت قواعده بما تملك من أموال وقلوب.
وما أنكر أن أحمد أمين رن صوته في كلية الآداب وقد زاملته قيها نحو أربع سنين، ولكن يعزّ عليّ أن أراه يحبط أعماله بمقالات فطيرة لم تكن ثمرةً لسهر الليل وإقذاء العيون تحت أضواء المصابيح، وإنما كانت ثمرة لنزوة وقتية أراد بها أن يخلق حركة في بعض المجلات، والمجد كالرزق بعضه حرام وبعضه حلال.
أنا أريد أن أعرف كيف جاز للأستاذ أحمد أمين أن يحكم بأن أدباء الأندلس لم يحسُّوا الطبيعة، ولذلك حساب سيراه في المقالات الآتية؛ ولكن أرجوه قبل أن أشرع في هذا البحث أن يدلني على مراده من التهديد الذي خصني به في مجلة الثقافة الغراء!
وإنما أهمني ذلك لأني أحب أن أعرف مصيري بعد أن استبحتُ ما استبحتُ من الحرية في النقد الأدبي
إن الشاعر الذي أستنجد به أحمد أمين يقول:
فقل لزهير إن شتمت سراتنا ... فلسنا بشتامين للمتشتِّم
ولا بأس، فأحمد أمين لا يجازى على الشتم بالشتم، إن صح أننا شتمناه.
ثم يقول ذلك الشاعر الذي استنصر به أحمد أمين:
ولكننا نأبى الظِّلام ونعتصي ... بكل رقيق الشفرتين مصمم
أعوذ بالله! فهل أخشى أن يلقاني أحمد أمين بسيف مصمم رقيق الشفرتين؟
وكيف وهو الذي هرب مني حين ذهبت أبحث عنه بمشارب الإسكندرية؟ وكيف يلقاني أحمد أمين بسيف رقيق الشفرتين وهو الذي لم يستطع ملاقاتي إلا بلسان معقول وقلم مفعول؟
ثم يقول الشاعر الذي أستنصر به أحمد أمين:
وتجهل أيدينا ويحلم رأينا ... ونشتم بالأفعال لا بالتكلم
فهل أخشى أن يرميني هذا الصديق بالحجارة والطوب حين يلقاني في الإسكندرية أو في مصر الجديدة؟
ليتني أقدر على الجهر بكلمة الحق! ليت ثم ليت!
فلو كنت شجاعاً لقلت إن أحمد أمين لم يدرك المراد من تلك الأبيات الجاهلية. وكيف أشجُع