للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالعراق عن ظفره بليلى وفضيحته إياها هذه الفضيحة الشنعاء ليست إلا أثراً من أثر الشعر الجاهلي فيه.

قال أحمد أمين: وهل نجد في الشرق رجلا ممن لم يقرءوا الشعر الجاهلي يستسيغ أن يفضح من يزعم أنه يحبها هذه الفضيحة؟ إلا رحم الله الأبيوردي حيث يقول:

وكم للغواني من يد قد جحدتها ... وشكر أيادي الغانيات جحودها

فهذا هو الشعور الطبيعي عند رجل متمدين. أما الذي يقول فيما يقول: إن زوجتي أطال الله عمرها لن تموت بداء غير داء الغيرة، فلا أستطيع تأدبا أن أصفه بغير التمدين ولكني أصفه بالتأثر الشديد بالشعر الجاهلي. وهل من حق إنسان أن يتحدث عن الأدب وهو لا يقدر أثر الإحياء الدائم المستمر في النفس؟

لقد نمنع أبناءنا عن الاتصال بالطبقات التي لا نرضى عن أخلاقها خشية كلمة تقال فتترك في النفس أثرها فكيف بشعر نعجب به ونمجده ونستظهره ثم نعيده ونستعيده سنين، ثم نعلمه بعد أن نتعلمه فإذا نسيناه رسب في عقلنا الباطن؛ ألا يترك هذا كله أثرا في النفس؟ وإذا لم يكن التكرار المقرون بالإعجاب ليترك أثرا في النفس فلماذا نؤمن بالأدب ولماذا نكتب؟ دعنا مما يقوله علماء النفس في الإيحاء ولننزل إلى مرتبة العامة. ألم نسمع قول العامة: (الدوي في الآذان أشد تأثيرا من السحر).

هؤلاء الجاهليون الذين يئدون البنات تركوا في القرن التاسع عشر من يقول:

ولست بيهفوف يرى رأى عرسه ... إذا أركبته مركبا فهو راكبه

يظل إذا ما نابه الخطب حائرا ... يخاطبها في شأنه وتخاطبه

وحدثنا الأستاذ فرويد قال:. . . ولكنني لا أذكر ما قال فقد كان يتحدث عن العقد وهذه عقدة العقد.

وحدثنا الدكتور محمد حسين هيكل باشا قال: أما أن لغة الجاهلية لغة سليمة فمما لا ريب فيه، لأنها إما أن تكون هي العربية الأصلية إن كان هناك شعر جاهلي، وإما أن تكون لغة أعلم الناس باللغة الجاهلية إن كان علماء الأدباء في العصر الأموي قد وضعوا ذلك الشعر نماذج كما ينبغي أن تكون عليه اللغة. ولكن كون الفكر الجاهلي يعرب عن الرأي الراجح فهو المحال بعينه. وكيف نستطيع التوفيق بين الإيمان بحياة محمد وبين الإيمان برأي إنما

<<  <  ج:
ص:  >  >>