وكان جمال الحسان الملاحِ ... بكحل العيونِ وبالزينة
وكان الشبابُ وعزمُ الشباب ... بحسنِ الوجوه وبالبزَّة
وكنتُ وكنتم بأجسادنا ... لقلتُ: هو الشعرُ باللفظة
ولكنه الشعر روحٌ بنا ... ولكنه الشعر في الخلجة
فما الشعر بالكأس براقةً ... ولكنه الشعرُ في الخمرةِ
وفي هذا بعض الحق لا الحق كله. وإننا لنسأل الشاعر: ألا يشين الجمال تستره بالأطمار ويحط من قدر الغانية الرائعة الحسن ارتداؤها الرث الخلق من الثياب؟
أجل، إننا لنجاريه في رأيه ولكن إلى حد، فليست الكأس هي التي تهزنا وإنما الخمر التي فيها.
ولكن ألا يعرض عن احتساء تلك الخمر إذا أديرت على الشاربين في كؤوس لا تهفو إليها النفوس وتتأبى منها الشفاه!
إننا لنميز الجمال حين يتشح بالأطمار ولكنه سرعان ما تصدر من قلوبنا لدى رؤيته آهة ملؤها التحسر والتمني، آسفين أن تدفنه تلك الأطمار متمنين لو يسبغ عليه كساء يلائم سناه ليبدو بما هو جدير به وأهل له، فتنة للناظر ومتعة للخاطر.
وإننا نود أن نحبس تلك الآهة ونكبت ذلك التمني لدى مرأى الحسن، ولن نستطيع ذلك إلا إذا كان رافلا في حلله الزاهية القشيبة.
والديباجة المشرقة لابد منها للشعر السامي؛ والديباجة المشرقة هي التي تعوز صاحب معلقة الأرز، وخلو القصيدة من الكبوات والهفوات هو ما يتطلبه الشعر العالي، والهفوات وقع فيها شاعرنا كذلك.
ولئن غفرنا له سناد التأسيس في قولة:
وبت ولي مقلة الجائعين ... كأعمى يفتش عن إبرة
فلا في القديم ولا في الجديد ... (مسكت؟) طريقي إلى غايتي
وسناد التأسيس من عيوب القافية. أو سناد الردف في قوله:
فلو كان معنى الحياة لعمري ... بخط تآلف في صورة
وكان الشباب وعزم الشباب ... بحسن الوجوه وبالبزة