العدد ٣٣ من مجلة (الآمالي) البيروتية الصادر في ١٤ نيسان في مقال (الخالدون في الأدب) حيث قال فيه بعد أن عدد مزايا الأديب وعناصر أدبه:
(هذه هي العناصر الأولية التي لا يجوز لنا أن نطلق لفظة أديب على رجل إلا بها وجبران مجرد منها جميعا)
وقوله في المقال نفسه: (للأدب كما قدمنا مقاييس مشهورة لا يتمتع جبران بواحدة منها)
فنفي الأدب عن أديب كبير كجبران كنفيه عن أديب كبير كالمنفلوطي. وإن ما فيه من التجني والظلم، إن وقع فيه الأدباء الناشئون فلا يصح أن يقع فيه أديب كالدكتور عمر فروخ له من ثقافته العالية وذوقه الأدبي الممتاز ما يعصمه عن مثل هذا الشطط.
ومعلقة الأرز ما عدا ذلك فيها شاعرية وثابة يحق لنا أن نستبشر منها بالخير فإن من يقول:
إذا الشعر سُخِّر في أمة ... فصلِّ ورّحم على الأمَّة
ومن يقول:
(فلا لفني الليل في برده ... إذا لم أمزّق به بردتي
ولا طلعَ الفجرُ يوماً عليَّ ... إذا لم يلدني مع الطلعة)
ومن يستشهد بقول النبي:
(إن تحت العرش كنوزاً مفاتيحها ألسنة الشعراء)
لشاعرٌ لن يكبل نفسه بأوضاع المناسبات، ولن يسخر ضميره لما لا يشعر به ولا يحس؛ شاعر طموح نأمل أن يأتينا بالعذب المبتكر من الشعر النابض الحي، وأن يفتتح بخياله الوثاب بعض الكنوز المغلقة تحت عرش السماء.
ومعلقة الأرز تزخر بعد هذا بالحنين، حنين المغترب إلى وطنه الحبيب، وله في ذلك أبيات رقيقة صادرة عن نفس صهرتها الأشواق، آثر فيها بلاده وأمته على بلاد العالم وأممه جميعاً.
أقول بقاع الدنى حلوة ... وأحلى بقاع الدنى بقعتي
فلا، أريد سوى موطني ... ولا، لا أحب سوى أمتي
وقوله في (أنشودة الغريب) وفيها رقة وعاطفة، يخاطب لبنان:
رويت من (دمي؟!) ... غذيت من لحمي