دراسة الفرنسية دراسة عامة، حتى ولا من أسس دراستها دراسة أدبية.
(ب) إن الأدب الفرنسي أدب قائم بنفسه، وإن كان قد نشأ في أحضان الأدب اللاتيني وتأثر بالأدب اليوناني. إنه اتخذ أسلوباً خاصاً، فاكتسب كياناً مستقلاً. فدرس هذا الأدب وإتقانه لا يتطلبان الرجوع إلى منابعه بوجه من الوجوه.
ومن أوضح البراهين على ذلك هذه الحقائق الواقعة:(أننا نعرف عدداً لا يحصى من المستنيرين الذين درسوا اللاتينية واليونانية، ومع هذا لم يصبحوا من الكتاب المجيدين في الفرنسية. ومقابل ذلك نعرف عدداً غير قليل من الأدباء الذين أحرزوا مكانة عظمى في تاريخ الأدب الفرنسي، مع أنهم لم يتعلموا اللاتينية، ولم يتثقفوا بآدابها. . .).
(إن لاروشفوكو، ووورنياك، وآلكساندر دوماس، وجورج صان. . . من جملة الأدباء الذين يذكرون في هذا الصدد. . .)
(ج) إن الآثار الخالدة المكتوبة باليونانية واللاتينية قد ترجمها إلى الفرنسية كبار الأقلام، فيمكن الاطلاع عليها من تلك الترجمات الجيدة، دون إضاعة الأوقات والجهود، في تعلم اللغات التي كتبت بها.
هذا. ومما يجب إلا يعزب عن البال أن معرفة اللاتينية واليونانية التي يمكن الحصول عليها خلال الحياة المدرسية لا تستطيع أن ترفع الطالب إلى درجة تمكنه من تذوق مضامين تلك الآثار الفكرية والأدبية ومزاياها - في لغاتها الأصلية - ولذلك نستطيع أن نقول: إن درس الآثار المذكورة في ترجماتها الجيدة اكثر ضماناً لتذوق مزاياها تذوقاً حقيقياً. . .
وزد على ذلك أن اللغات الحية الراقية أيضاً أوجدت آثاراً خالدة لا تقل أهمية وسحراً عن الآثار التي يشير إليها دعاة اللاتينية واليونانية، إن لم نقل بأنها تفوقها في هذا المضمار، على الأقل من وجهة قربها إلى حياتنا العصرية. . . فلا يحسن بالثقافة الإنسانية العالية أن تبقى تحت سلطان اللاتينية واليونانية القديمة؛ بل الأجدر بها أن تستفيد من الآثار الخالدة التي أنتجتها اللغات الحية في العصور الحديثة. . .
إن تعلم اللغات الحية - عوضاً عن اللاتينية الميتة واليونانية القديمة - يأتي بفوائد عظيمة، من هذه الوجهة أيضاً.