أينكر إن هذا الشاعر أحس الطبية أدق إحساس؟
وهل يستطيع إن يؤدي هذه الصورة بأفضل من هذا الأداء؟
وما رأيه في قول محمد بن سفر:
وواعدتُها والشمس تجنح للنوى ... بزَوْرتها شمساً وبدر الدجى يسرى
فجاءت كما يمشي سنا الصبح في الدجى ... وطوراً كما مرّ النسيم على النهر
فعطّرت أن حولِي فأشعرتْ ... بمقدمَها والعَرف يُشعر بالزهر
فتابعت بالتقبيل آثار سعيها ... كما يتقصَّى قارئٌ أحرف السطر
فبتُّ بها والليل قد نام والهوى ... تنبَّه بين الغصن والحِقف والبدر
أعانقها طوراً والثم تارةً ... إلى أن دعتنا للنوى راية الفجر
ففضّت عقوداً للتعانق بيننا ... فيا ليلة القدر اتركي ساعة النفر
إلا يرى كيف كانت الطبيعة بشجارها وأزهارها وأنهارها وأقمارها تداعب خيال الشاعر وهو ينظم هذا القصيد؟
أيدرك قيمة الإحساس بالطبيعة في هذا البيت:
فجاءت كما يمشي سنا الصبح في الدجى ... وطوراً كما مرّ النسيم على النهر
قد يقول أن هذا لعب بالتشبيهات!
أن قال ذلك فسيأتي يوم قريب نبين فيه قيمة التشبيهات وما فيها من الدلالة على الأنس بمعاني الوجود
وما رأيه في قول أحد الأندلسيين:
أديراها على الروض المندّى ... وحُكم الصبح في الظلماء ماضي
وكأس الراح تنظر عن حَبابٍ ... ينوب لنا عن الحَدق المراضِ
وما غَربَتْ نجوم الأفق لكن ... نُقِلْن من السماء إلى الرياض
أيحسب هذه الأبيات من الكلام المزخرف الذي لا يدل على شيء!
اتقى الله في نفسك يا صديقي احمد أمين، فأنت لا تجني على الأدب، وإنما تجني على نفسك حين تنسب إليها الغفلة عن أقدار هذه المعاني:
وما بأفضل في قول الرصافي الأندلسي في وصف حائك جميل: