يحّثها بِدَله المرموقِ ... أرقَّ من أديمه الرقيق
وبات سلطاناً على الرحيقِ ... يسلِّط الماَء على الحريق
ويغرس اللؤلؤ في العقيق ... كأنَّ دُرَّ ثغره الأنيق
أُلّف من حَبابها الفريق ... أو زَلّ عن فيه إلى الإبريق
وهل سمع الأستاذ أحمد أمين بأخبار ابن شهيد صاحب (الزوابع والتوابع) ولأدبه صلة شديدة بتذوق الوجود؟
هل قرأ أشعار ابن زيدون ورسائل ابن زيدون ليرى كيف فتن هذا الشاعر الكاتب بفهم الدنيا والناس؟
وهل نظر في نكبات ابن عمار الذي تذكر نفثاته بنفثات أبي فراس؟
وهل خطر في باله أن ينظر كيف برع الأندلسيون في الموشحات، وكانت أقباساً من الأضواء، وأنفاساً من الأزهار؟
هل عرف أن الأندلسيين بكوا بلادهم بكاء شهد بأنها قطع من قلوبهم الخوافق؟
هل مر بخاطره أن الأدب الأندلسي ترك في الأدب اللاتيني أخيلة وتعابير بقيت على الزمان؟
هل وصل إلى علمه أن عهد العرب في الأندلس هو أشرف ما عرضت أسبانيا من العهود؟
هل اتفق له أن يعرف أن تاريخ العرب في الأندلس كان مادة غنية سعدت بها حيوات كثير من الباحثين الذين تشرفت بهم الجامعات الألمانية والفرنسية والإنجليزية؟
هل طرق سمعه الخبر الذي يقول إن علماء الأندلس هم الذين عرفوا أهل أوربا بمعارف اليونان؟
فبأي حق يجوز التطاول على أهل الأندلس من رجل مثل أحمد أمين وهو يشهد على نفسه بأنه لا يكتب عن الأندلس إلا بعد أن يأذن له المستشرقون؟
آه، ثم آه!!
ما جزعت على وفاة الأستاذ مصطفى صادق الرافعي كما جزعت عليها اليوم!
فلو كان الرافعي حياً ورأى أحمد أمين يقول في ماضي الأدب العربي ما يقول لأصلاه نار العذاب وصيره أضحوكة بين أهل الشرق والغرب.