للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنما كان شرك المشركين الأولين بتوحيد الألوهية أو توحيد العبادة، ومن مظاهره الدعاء والخوف والرجاء، والذبح والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي كان يصرفها المشركون لمعبوداتهم من الصالحين وغيرهم لتقربهم إلى الله زلفى، وكانوا يقولون في حجهم: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك) فهذا الشريك هو الذي كان يشرك مع الله في العبادة فحسب، لا في الإيجاد ولا في الإمداد كما قال تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله).

كلمة التوحيد

أساس الدين وركنه الأعظم هو كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) فهي أصل الأصول، ودين الرسل من أولهم إلى آخرهم عليهم الصلاة والسلام (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون). فكلمة التوحيد هذه لابد من فهم معناها والعمل بمقتضاها، وهو ما بعث به النبي (ص) ودعا إليه: أله إلاهة وألوهة وألوهية: عبد عبادة، ومنه لفظ الجلالة وكل ما اتخذ معبوداً إله عند متخذه كما في القاموس، فمعنى إله في لغة العرب وفي الشرع هو المعبود بحق أو بغير حق. ولفظ الجلالة على المعبود بحق وهو الله عز وجل فكلمة (لا إله) نفي لكل معبود في الوجود وإبطال لعبادته، وكلمة (إلا الله) إثبات لعبادة المعبود بحق وحده، ذلك بان الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، وأن الله هو العلي الكبير) فكلمة التوحيد مسقطة لجميع آلهتهم، هادمة لأنواع عبادتهم، مثبتة العبادة كلها لله وحده الذي وحدوه بربويته ولم يوحده بإلهيته، فأقام عليهم الحجة بما أقروه على ما أنكروه، وبين أن من تفرد بالإيجاد والإمداد يجب أن يفرد بالعبادة، وهذه الحجة القاهرة من حجج الله على العالمين إلى يوم الدين

لما كان العرب في جاهليتهم يفهمون من كلمة (لا إله إلا الله) هذا المعنى الذي بيناه لغة وشرعاً كانوا يستكبرون عن النطق بها لأنهم علموا أن الإذعان لها كفر بالآلهة وإبطال لعبادتهم، كما قال تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون؛ ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) وقال: (وإذا ذكر الله وحد اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) وقال: (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض؟ أم لهم شرك في السموات؟ ائتوني بكتاب من قبل هذا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>