للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الاقتضاء - من دلائل (الامتياز الفكري) ولوازم (الأرستقراطية المعنوية)؛ ولذلك قلما كانوا يرضون لأولادهم نوعاً من الثقافة تحرمهم هذا الامتياز، وتحط من منزلتهم الاجتماعية. وأما الذين كانوا نشئوا نشأة أبسط من ذلك - ومع هذا أخذوا يطمعون برفع منزلة أولادهم عن طريق تعليمهم تعليماً راقياً - فكانوا لا يرضون لأولادهم أن يفترقوا عن أولاد الفريق الأول في هذا الميدان. . . ولهذا ظلت رغبة الأكثرية متجهة نحو التعليم الكلاسيكي القديم. . .

وزد على ذلك أن معظم مديري المدارس الثانوية ومعلميها أيضاً كانوا متشبعين بفكرة تفوق الدراسة الكلاسيكية على العصرية؛ ولذلك كانوا لا يفتئون يشوّقون التلاميذ الأذكياء إلى اختيارها. . . حتى أن البعض منهم كان يغالي في هذا الاعتقاد أشد المغالاة، فيظهر الفرع الجديد بمظهر (ملجأ المتأخرين) من الطلاب، ويبذل كل ما لديه من قوة إقناع المتفوقين منهم للرغبة عن هذا الفرع. . .

وأخيراً كان في خدمة الدراسة الكلاسيكية جيش كبير من المعلمين المتمرنين المزوَّدين بأحسن الاختبارات وأطول التقاليد؛ في حين أن الدراسة العصرية كانت في حاجة شديدة إلى معلمين خبيرين، يحسنون القيام بالمهام المطلوبة من هذه الدراسة الجديدة. . .

ومع كل ذلك قامت الدراسة العصرية بأعباء التثقيف أحسن قيام وأعطت نتائج باهرة، لا تقل عن نتائج الدراسة الكلاسيكية

واللجنة قررت (بعد ما اقتنعت بذلك) إبقاء الفرع العصري في الدراسة الثانوية (مع العمل لتوسعه وترقيته) ومع هذا قررت في الوقت نفسه الاستمرار على اشتراط معرفة اللاتينية، للقبول في كليتي الطب والحقوق. غير أنه مما يلفت الأنظار، أن القرار الأخير لم يتخذه إلا أكثرية ضئيلة جداً لأن الأصوات التي التزمت جانب اشتراط اللاتينية للقبول في الكليتين المذكورتين لم تتغلب على مخالفيها إلا بصوت واحد فقط!

ولإظهار قوة الآراء المخالفة لذلك، أود أن أذكر بعض الفقرات المستخرجة من التصريحات التي أدلى بها ثلاثة من رجال العلم والفكر في هذا الصدد: وهم ليون بورجوا، وأرنست لاويس، وريمون بوانكاريه. . .

قال الأول ما مؤداه: نحن لم نعتقد أن الذين يتثقفون بالدراسات القديمة، هم وحدهم جديرون

<<  <  ج:
ص:  >  >>