وهذا شعرٌ يفسده الشرح والتفسير والتحليلُ
وهل تحتاج محاسن هذه الأبيات إلى من يقيم عليها الدليل؟
ومن الذي ينكر فراهة الفتون في الأبيات الآتية:
وأغيد في صدر الندىّ لحسنهِ ... حلىٌّ وفي صدر القصيد نسيبُ
من الهِيف أما ردفه فمنَّعمٌ ... خصيبٌ وأما خصره فجديبُ
يرفَّ بروض الحسن من نور وجهه ... وقامته نُوّارةٌ وقضيبُ
جلالها وقد غنّى الحمام عشيّةً ... عجوزاً عليها للحَباب مشيبُ
وجاء بها حمراء، أما مزاجُها ... فماءٌ، وأما ملؤها فلهيبُ
على لجة ترتجُّ، أما حَبَابُها ... فنوْرٌ، وأما موُجها فكثيبُ
تجافتْ بها عنا الحوادث برهةً ... وقد ساعدتنا قهوةٌ وحبيبُ
وغازلنا جفنٌ هناك كنرجسٍ ... ومبتسمٌ للأقحوان شنيبُ
فلله ذيلٌ للتصابي سحبتهُ ... وعيشٌ بأطرافِ الشباب رطيبُ
أرأيت كيف فَنىَ الشاعر في الطبيعة فجعلها أصل الحسن والفتون؟
أرأيت كيف غَرِق هذا الشاعر في بحار الصباحة والملاحة، وكيف رأى الزهر والماء أصلاً لكل مليح وجميل؟
وما رأى الأستاذ في الأبيات الآتية:
وصقيل إفرند الشباب بطرفهِ ... سقمٌ وللعضب الحسام ذُبابُ
يمشي الهوينا نخوةً ولربما ... أَطَرْته طوراً نشوةٌ وشبابُ
شتى المحاسن، للوضاءةِ ريطة ... أبداً عليه، وللحياء نقابُ
وبمعطفيه للشبيبة منهلٌ ... قد شف عنه من القميص سرابُ
عَبَر الخليج سباحةً فكأنما ... أهوى فشقّ به السماء شهابُ
لقد احتللت بشاطئيه يهزني ... طرباً شباب راقني وشرابُ
وانساب بي نهر يعب وزورق ... فتحملتني عقرب وحُبابُ
وركبت دجلته يضاحكني بها ... فرحاً حبيب شاقني وحَبابُ
نجلو من الدنيا عروساً بيننا ... حسناء ترشف والمدام رُضابُ