للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أطايب النعيم) فكتب يقول: إنه لم يقل هذا وإنما قال: (اشغلني عنك، يا رباه، بما في الجنة من أطايب النعيم فإن بصري أضعف من أن يواجه نورك الوهاج) وزعم أننا حذفنا شطراً من كلامه ليجوز أن نقول عن شطر (فهل رؤى سوء أدب وسوء فهم للدين كالسوءين المتجسمين في دعاء زكي مبارك هذا؟)، في حين أن عباراته بشطريها (غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله ذي العزة والجبروت)؛ هذا هو دفاع زكي مبارك. فهل يجد الدكتور زكي مبارك حين يقول هذا؟ وهل في الحق أن الجملة التي لم نذكرها ذلك الأثر الإكسيري في الجملة التي ذكرناها فتقبلها من غاية الغايات في سوء الأدب وسوء الفهم للدين إلى غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله ذي العزة والجبروت؟

لننظر أولاً إلى غايات زكي مبارك في تعظيم الله والثناء عليه: إن بصر زكي مبارك (على حِدَّته) - كما يقول في رده - أضعف من أن يواجه نور الله (الوهاج) أهذا ثناء على الله أم على بصر زكي مبارك؟ وتعظيم لله أم تعظيم لزكي مبارك؟ إن بصر زكي مبارك أضعف من أن يواجه نور بعض ما خلق الله. فلو أطال التحديق في الشمس ضحىً لعمى؛ بل لو حدق في القوس الكهربائي لَكلَّ. فهل بلغت الغفلة بزكي مبارك أن يرى ثناء على الله ما لو أثنى به على بعض مخلوقاته لكان تقصيراً في الثناء، فضلاً عن أن يراه غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله؟

ثم وصْف (الوهاج) في دعاء هذا الصوفي الذي لا يدرك معاني دعائه غير صفوة المؤمنين، ما معناه وما مغزاه حين يصف به نور الله سبحانه؟ إن الكلمة في اللغة توصف بها الأجسام المتألقة اشتعالاً، وقد وصف الله بها الشمس في سورة النبأ كما يعرف كل إنسان. فكيف غاب عن الدكتور المتصوف أن وصفاً كهذا - فيه من التكييف ما فيه - لا يليق أن يوصف به نور الله سبحانه؟ سيلجأ الدكتور إلى المجاز يلتمس فيه محملاً. فليلجأ، وليخبرنا على أي محمل يمكن أن يحمل هذا اللفظ حين يصف به نور الله رجل يرى أن دعوى النظر إلى الله أعرض من الصحراء

الواقع أننا هممنا حين كتبنا أول مرة أن نجعل هذه الجملة التي يدَّرِيء بها الدكتور الآن هي أيضاً موضع نقد ولوم لولا أننا آثرنا أن ندع ما جاء منه على أي حال في صيغة ثناء، وأن نقصر الكتابة على ما لا يمكن أن يتصور فيه عذر مما جاء في صدر ذلك الدعاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>