للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أردت أن أمهد العذر للأستاذ الكبير فيما ذهب إليه، لأن إغضاب جملة في مرضاة صديق ليس بالشيء الجلل، فقلت لعل طول الجملة ألقى عليها ظلاً من الغموض، قلت ذلك وأنا أعتقد أني ظالم لها، فليس فيها غموض ولا إبهام ولا تحتمل غير ما أراده منها كاتبها وغير ما فهمه القراء

ثم كان أن ظهر الشطر الثاني من القصة ووضح منه (أن المدل بمكانه من الخليفة) ليس إلا الوالي مروان بن الحكم، وكان ذلك جديراً أن يرفع هذا الاضطراب - إن صح وجوده - لأن الاضطراب كما يعرف العالم لم يتعد منطقة (دانزيج) إلى الآن، ولكن العلامة الصديق عاد فقرر في كلمته الثانية أن الاضطراب لم يرتفع بل ازداد، ومعنى ذلك: أنه لا بد من وجود الاضطراب سواء أكان مروان مشكواً منه أو مشكواً إليه! غير أن شيخنا وقد ظهرت له براءة الجملة مما رميت به رأى أن ينقل الاضطراب - بزكانته التي أعرفها له - إلى القصة نفسها، فرماها بالوضع كأن كل قصة موضوعة يجب أن تكون مضطربة! ولو أخذنا بهذا المنطق لحق العفاء على كل ثمرات الخيال

أما إن القصة موضوعة فقد أبنت رأيي فيها مع الحذر والحيطة، ولا يسعني إلا أن أحمد الله على أن فراستي لم تخني كما حمده الأستاذ الصديق، فقد ألقى في روعي أنه سيتدرج من رمي الجملة بالاضطراب إلى رمي القصة بالوضع، فبادرت بإعلان رأيي مقدماً لأوفر عليه العناء، ولكنه كما لم ينتظر الشطر الثاني من القصة ليتثبت من وجود الاضطراب، لم يتريث حتى يقرأ ردي على كلمته ليعرف رأيي في القصة

والآن أود أن يتسع صدره للنقاش فيما يلي:

١ - رجح أن الوالي الظالم ابن أم الحكم، لا مروان ابن الحكم أخذاً برواية داود الأنطاكي في تزيين الأسواق. ويظهر أن أستاذنا الفاضل يقيم لهذا الكتاب وزناً كبيراً، بدليل استقائه منه جل ما كتبه عن (بني عذرة) وأن مثله كثيراً ما أعتمد عليه بل أني أحفظ أغلب أشعاره؛ ولكن رأيي أن الشيخ داود الأنطاكي كان في تصنيفه لهذا الكتاب كحاطب ليل، وقد تكون ثقة ثبتاً عند الشيخ الفاضل، ولكنه ليس أوثق عندي من شهاب الدين النويري ولا من الإمام ابن الجوزي راوي قصة سعاد كما فصلتها

٢ - يستبعد شيخنا أن يقع هذا الظلم من مروان بن الحكم وهو يعرف أنه كان مستشاراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>