وذم قراه وجواره فقال:
سرت ما سرت من ليلها ثم وافقت ... أبا قطن ليس الذي لمخارق
وقد تلتقي. . . و (تلاقي) إما فعل حذفت إحدى النائين تخفيفاً، وفي البيت - والحالة هذه - إكفاء أو إقواء، وإما مصدر سكنت الياء فيه ضرورة، وفي (شرح النهج) لأبن أبي الحديد: (ولكن ميزوا في الخلائق). ورواية الأستاذ المردمي والبغدادي أصح.
وروى الأستاذ لأبي فراس من مقلداته:
أحلامنا تزن الجبال رزانة ... وتخالنا جناً إذا ما نجهل!
قال الأمدي في (الموازنة) - وأني لأنقل قوله على ما بيننا من خصومة قديمة. . . -: (أنكر أبو العباس قول أبي تمام:
رقيق حواشي الحلم لو إن حلمه ... بكفيك ما ماريت في أنه برد
وقال: هذا الذي أضحك الناس منذ سمعوه إلى هذا الوقت. والخطأ في هذا ظاهر، لأني ما علمت أحداً من شعراء الجاهلية والإسلام وصف الحلم بالرقة، وإنما يوصف الحلم بالعظم والرجحان والرزانة، كما قال الأخطل:
شُمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاماً إذا قدروا
وكما قال الفرزدق: أحلامنا. . . ومثل هذا كثير في أشعارهم. ألا ترى أنهم إذا ذموا الحلم كيف يصفونه بالخفة فيقولون: خفيف الحلم، وقد خف حلمه.
ونسب أبو تمام في الحماسة إلى الفرزدق هذين البيتين:
إذا ما الدهر جر على أناس ... كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا: أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا
وهما للعلاء بن قرظة خال الفرزدق: (قيل للفرزدق مالك وللشعر فوالله ما كان أبوك غالب شاعراً، ولا كان صعصعة شاعراً. فمن أين لك هذا؟ قال: من قبل خالي. قيل: أي أخوالك؟ قال: خالي العلاء بن قرظة الذي يقول: (إذا ما الدهر. . .؟)
وفي (ديوان الحماسة) في باب الحماسة مقطوعة - ثمانية أبيات - للفرزدق، وأختير له في باب المديح والأضياف: ستة أبيات جيدات. يقول فيها واصفاً قدره التي بعث بها إلى ضيفه: