للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه الحقيقة المدهشة أخيرا كانت مثار السخط والريب في نزاهة القضاء. وكان ستافسكي طريد القضاء أثناء ذلك يعيش في بذخ لم يسمع به في داره الفخمة بحي الشانزليزيه مع زوجته الحسناء أرليت سيمون التي تزوجها منذ سنة ١٩٢٢، وولديه الصغيرين، وكان يظهر في المسارح والأوساط الرفيعة وفي ملاهي الليل وميادين السباق وأندية المقامرة بأعظم مظاهر الغنى والترف، وينفق الملايين الطائلة في كان ومونت كارلو وبيارتز وغيرها من مدن المياه، كل ذلك باسم (مسيو آلكس) وقد ظهر من التحقيق فيما بعد أن كثيرين ممن اتصلوا به لم يكن يدور بخلدهم أن مسيو آلكس هذا أو آلكس الجميل هو نفسه الكساندر ستافسكي بطل الفضيحة الكبرى.

وفي سنة ١٩٣٠ وقع ستافسكي في مازق جديد وافتضح أمره مرة أخرى، ذلك أنه قدم إلى بنك التسليف البلدي باورليان طائفة كبيرة من الجواهر الزائفة واستطاع برهنها أن يحصل على سندات للخزينة قيمتها عشرة ملايين فرنك، وأن يقطع هذه السندات ويحصل على قيمتها ولكن هذا التزييف الهائل اكتشف غير بعيد، وظهر أن الجواهر المودعة كلها زائفة لا تساوي أكثر من عشرة آلاف فرنك، بيد أن ستافسكي فطن في الحال للخطر الذي يهدده، وبادر بتسوية المسألة ورد قيمة السندات المسحوبة، وبذا أسبل الستار على الفضيحة بسرعة، وأنقذ ستافسكي مشاريعه من خطر الانهيار وأنقذ نفسه من ظلام السجن.

ولم يمض على ذلك أشهر قلائل حتى استطاع ستافسكي أن ينفذ مشروعه الجديد، وهو انشاء بنك التسليف البلدي في مدينة بايون. وهذه البنوك المحلية الصغيرة تنشأ في عواصم الأقاليم طبقا لقانون خاص، وتقوم بمهمة التسليف برهونات منقولة مثل الجواهر والحلي، وهي تنشأ عادة برؤوس أموال صغيرة، ولكنها تستطيع متى اتسعت أعمالها أن تزيد في رأسمالها باصدار سندات على الخزينة بالاعتمادات اللازمة، وهذه السندات تتمتع بنوع من الضمان الحكومي، لأنها تصدر بمصادقة السلطات المحلية فضلاً عن ادارة البنك، وتمثل السلطات المحلية في إدارة البنك على يد مدير المقاطعة وعمدة المدينة، وتمنح هذه السندات عادة ربحا حسنا لا يقل عن خمسة في المائة، وتعفى من ضريبة الدخل، وهي لذلك تجد إقبالا من شركات التأمين وغيرها من شركات الادخار فتسارع إلى اقتنائها كوسيلة حسنة لتوظيف المال. وقد رأى ستافسكي في الحال أنه يستطيع أن يجعل من إصدار هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>