للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للدكتور أن يتظرف أو يتمجن في أسلوبه حين يكتب في الأدب الذي هو دكتور فيه، وليس له أن يتظرف أو يتمجن حين يكتب في الدين أو حين يدعو الله. فهو ينكر على الدكتور لا مجرد الكتابة في الدين، ولكن إساءة الأدب في الكتابة، سواء أكان دكتوراً في الدين أم غير دكتور فيه. وأظن نعمة الإسلام التي يحمد الدكتور الله عليها من شأنها أن تجعل الدكتور يوافق الكاتب على ما قال، سواء أقر بما سماه الكاتب تمجنا في دعاء زكي مبارك الذي دعا أم لم يقر.

على أننا مع هذا نحب أن نصارح الدكتور زكي مبارك أن خيراً له وللناس أن لا يكتب في الدين، لا لأنه غير دكتور في الدين ولكن لأنه غير متمكن فيه. وفرق بين الاثنين. فلو كان متمكناً في الدين لجاز له أن يكتب فيه ولو لم يحمل فيه شهادة أو لقباً ما.

ولكنه للأسف غير متمكن، ودليل ذلك أخطاؤه الكثيرة التي وقع فيها، والأخطاء التي لا يزال يقع فيها كلما كتب في الدين أو فيما يتصل به.

والخطأ في الدين ليس كالخطأ في الأدب، كما أن الحال في الدين ليس كالحال في الأدب فوضى لا يهتدي فيها بمعيار يميز الخطأ من الصواب. فمعيار الحق والصواب في الدين موجود لا يخطئ، إلا وهو الكتاب الكريم والسنة المطهرة. ما وافقهما كان هدى وصوابا، وما خالفهما كان خطأ وضلالا. والعقل بعد أن ثبت عنده أن القران من عند الله، وأن محمداً رسول الله، ملزم - ملزم بمنطقه هو - أن يسمع ويطيع من غير تردد ولا ريبة سواء فهم الحكمة أم لم يفهم، كما يقبل النظريات الرياضية مهما بدت معقدة غريبة. إن للعقل طبعاً أن يحاول الفهم ما استطاع، بل هذا هو واجبه، لكن ليس له أن يوقف السمع والطاعة في الدين على الفهم و (المعقولية) وإلا أصبح الدين رأياً يتغير، أي أصبح غير دين

فقول الدكتور زكي مبارك إن لكل مسلم الحق في أن ينظر إلى الله وإلى الوجود كيف شاء في حدود المنطق والعقل، قول يحتاج إلى تكملة، تكملة الاهتداء بالكتاب والسنة، لأن العقل قوة لا تستطيع تفكيراً صحيحاً إلا من مقدمات صحيحة. والمقدمات الصحيحة في الدين - بعد الدخول فيه بالعقل - لا توجد إلا في كتاب الله وسنة رسوله. فإذا لم يهتد العقل بهما فقد ظل سواء السبيل

والدكتور زكي مبارك في تطبيقه ما يسميه المنطق والعقل كثيراً ما يخالف الكتاب والسنة

<<  <  ج:
ص:  >  >>