طول الأمد المطلوب لتحقيق شيء من هذا القبيل للانحلال الظاهر في كل عضو من أعضاء هذا الجسم على انفراد، فليكن العلاج علاجاً لكل عضو مستقلاً عما سواه، حتى يصح الجسم بصحة جميع أعضائه!
وبعد ذلك، أفلا يرى معي كل منصف أن الدعاة إلى القومية قد يكونون هم اصلح الدعاة إلى وحدة عربية أو إسلامية قوية منيعة في وقت ليس قريباً جداً، وأن من يراد له أن يكون أديب الأقطار العربية كلها لا أن يكون في قطر واحد أديباً، قد يكون هو أديب الأقطار العربية الحق، الذي يمهد السبيل القويم - وإن كان بطيئاً - لوحدة هذه الشعوب التي تدين بدين واحد في أغلبها، وبأماني وطنية واقتصادية واحدة في مجموعها؟!
(شبرا - مصر)
عامر محمد بحيري
العربية والإسلامية
دفعني إلى معاودة الكتابة في هذا الموضوع الرد الذي قرأته موجهاً إلي في العدد (٣٢٠) من (الرسالة)، على أن مثل هذا الموضوع لا يعتذر من كثرة الكلام فيه، وإنما يعتذر (ولا يعذر) من قصر الكلام فيه، ولم يبن حقيقته
والمسألة هي أن هناك أخوة إسلامية دينية، وهنالك وحدة إسلامية سياسية، وهنالك إسلام وهنالك مسلمون، ولابد من فصل كل واحدة من هذه المسائل عن الأخرى
فكون المؤمنين اخوة، وكون المسلم أخاً للمسلم ولو اختلفت الديار وتباينت اللغات أمر مسلم به ديناً، ولا يكون مسلماً من ينكره لأن الآثار القطعية تواردت عليه، ولأنه أصل من أصول الدين، ولأن شعائر الدين كلها من نحو الصلاة والزكاة والحج والأحكام الفقهية تدور كلها على اعتبار الناس أصنافاً: مسلمين وذميين ومحاربين، ففي إبطال الأخوة الإسلامية واتخاذ الأخوة العربية أو الوطنية خروج صريح على الدين الإسلامي
هذا من ناحية الدين، وليس معنى هذا أن الإسلام ينظر إلى المواطنين غير المسلمين نظر العدوان أو يسقط حقوقهم أو يعاملهم على نحو ما يدعي من ينادي بحماية الأقليات، بل الحقيقة التي يعرفها كل من له أقل اطلاع على الإسلام، أن الإسلام يحفظ للمواطنين غير