ألا تصدق أن هذه الثروة القصصية أثر من آثار القرآن؟
وهل يعرف أحمد أمين أن جميع العلوم التي عرفها المسلمون كان لها ثمرة هي تأييد القرآن
لقد استطاع القرآن أن يؤثر في كل شيء حتى العلوم الرياضية فهي عند أهلها تأييد لآيات القرآن المجيد
والذي يراجع أحوال العرب والمسلمين في حياتهم العلمية والأدبية يراهم يدورون حول القرآن في أكثر الشؤون
وفي مطلع كل علم نرى الأبيات التي تقول:
إن مبادئ كلِّ فنّ عشرة ... الحدّ والموضوع ثم الثمرة
و (الثمرة) في أغلب العلوم ترجع إلى تأييد القرآن من الوجهات التشريعية واللغوية والعقلية. فعلوم الفقه والتوحيد والصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع يراد بها جميعاً فهم ما يشتمل عليه القرآن من أغراض علمية أو أدبية
وقد نقدت ذلك في كتاب النثر الفني حين تكلمت عن مذاهب كتاب النقد الأدبي، ولكن ذلك النقد لم ينسني خطر الحرص البادي من المتقدمين على فهم دقائق القرآن
ومعنى هذا الكلام بطريقة صريحة أني كنت أحب أن تكون العلوم اللغوية والأدبية مقصودة لذاتها، بغض النظر عن جعلها وسيلة لفهم أسرار الإعجاز في القرآن المجيد، ولكني ما كنت أعلم أن سيجيء رجل كالأستاذ أحمد أمين يحكم بأن القرآن لم يؤثر في الحياة الشعرية، ويقول إن ما وقع من العرب لا يصح وقوعه إلا (في الطبيعة القاصرة، والملكات المحدودة) مع أن العرب قد استوحوا القرآن في جميع الشؤون وجعلوا الأدب كله وسيلة لفهم ذلك القرآن
وخلاصة القول أن حفظ القرآن وفهمه كان من الوسائل التي يتذرع بها الشعراء والكتاب والخطباء للتفوق في البيان، فكيف يجوز القول بأن الشعراء لم ينتفعوا به في تطور التعابير والأغراض؟
ولنذكر دائماً أن العرب بعد الإسلام لم يكونوا أمة واحدة، فقد انتشرت اللغة العربية في