والمساواة. فالعرايا جمع عرية كقضية وقضايا، وهي بيع ما على النخل من الرطب بما يخرص ويقدر به من التمر لحاجة من يملكه إلى أكل الرطب، فيشتريه به. فالتمر يدفع مرة واحدة، والرطب يجنى بالتدريج، وقد رخص النبي في بيعها. وذكر ابن القيم من نظائره أيضاً إباحة نظر الخاطب والشاهد والطبيب والمعامل إلى المرأة الأجنبية وإباحة لبس الحرير للرجال لمنع الحكة أو القمل، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك كله. (قال رحمه الله): وأين مفسدة بيع الحلية بجنسها ومقابلة الصناعة بحظها من الثمن، من مفسدة الحيل الربوية، التي هي أساس كل مفسدة وأصل كل بلية. وإذا حصحص الحق فليقل المتعصب الجاهل ما شاء وبالله التوفيق (٢٧٥: ٢) وقال أيضاً: فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به أو بالحيل، والحيل باطلة في الشرع. أهـ
تفسير المنار لآيات الربا وعمل المصارف
من العجيب الغريب أن يتهم السيد صاحب المنار (رحمه الله تعالى) بتحليل ما حرم الله من الربا، وما أثرناه عنه من مفاسد الربا ومضاره، هو قليل من كثير مما كتبه في تفسيره ومناره، وآخره ما جاء في المجلد الرابع والثلاثين من المنار وهو ختامها، فقد سئل عن أخذ الربا من البنوك لإنفاقه على الفقراء، فقال: من المعلوم من الدين بالضرورة أن الربا القطعي لا يجوز أخذه للتصدق به ولا لغيره، لأن التقرب إلى الله لا يكون بما حرمه الله، فان هذا تناقض بديهي البطلان، ولكن لاستغلال المال في الشركات المالية من المصارف وغيرها أعمالاً ليست من الحرام القطعي قد بيناها من قبل، وسيكون كتابنا الذي وعدنا بإكماله خير مفصل لها إن شاء الله تعالى. وقد نقل عن ابن جرير ما قاله أئمة التفسير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في الفرق بين هذا الربا الجاهلي المحرم لذاته، وربا الفضل المحرم لغيره، وتقدم بيان ذلك. أما الكتاب الذي وعد بإكماله ونشره (رحمه الله) فهو في مباحث الربا والأحكام المالية التي اشتدت الحاجة إليها في هذا العصر، وفي الأصول والقواعد العامة للحلال والحرام، وقد رأى أن جمهور المسلمين في حرج شديد من هذه المعاملات المالية العصرية، وكلهم يتمنون لو يجدون لهم مخرجاً منه مع المحافظة على دينهم فنعى على الذين توسعوا باجتهادهم في أحكام المعاملات المالية حتى أدخلوا في معنى الربا كثيراً من صور البيوع والقروض والشركات التي لا تدخل في ربا القرآن الأصلي