(النسيئة)، ولا في ربا الحديث الاحتياطي من باب ولا منفذ إلا بالتأويلات المستنبطة من التعاريف والأقيسة والضوابط المذهبية الاجتهادية كما قال. وليت هذا الكتاب تم وأخرج للناس قبل وفاته ليرى الناس سبل النجاة من هذا التخبط والاضطراب
ولقد علمنا الآن من هذه الأقوال اليسيرة التي أثرناها عنه أن غرضه الأول أن يجتنب المسلمون الربا الذي حرمه الله ورسوله، وأن تجري بيوع المسلمين وقروضهم وشركاتهم على نحو ما سارت عليه في خير عصور هذه الملة وأهداها، مع وضع حدود وضوابط للاضطرار وللحاجة إلى المحظور في القواعد المستنبطة من الأدلة كقاعدة اليسر ورفع الحرج والعسر، وككون الضرورات تبيح المحظورات، وكون المحظور لسد الذريعة يباح للحاجة إليه، ولرجحان المصلحة على المفسدة، ولم يقدر هو ضرورة الأفراد ولا حاجتهم، بل وكل أهل البصيرة منهم إلى معرفتهم بأنفسهم (قال): وإنما المشكل تحديد ضرورة الأمة أو حاجتها فهو الذي فيه التنازع. وعندي أنه ليس لفرد من الأفراد أن يستقل بذلك وإنما يرد هذا الأمر إلى أولي الأمر من الأمة، أي أصحاب الرأي والشأن فيها والعلم بمصالحها عملاً بقوله تعالى في مثله من الأمور العامة (٤: ٨٣ ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، (قال): فالرأي عندي أن يجتمع أولو الأمر من مسلمي هذه البلاد (بلاد مصر) وهم كبار العلماء المدرسين والقضاة ورجال الشورى والمهندسون والأطباء وكبار المزارعين والتجار ويتشاوروا بينهم في المسألة ثم يكون العمل بما يقررون أنه قد مست إليه الضرورة أو ألجأت إليه حاجة الأمة. فقوله: وإنما المشكل تحديد ضرورة الأمة أو حاجتها وقوله: عندي أنه ليس لفرد من الأفراد أن يستقل بذلك وإنما يرد مثل هذا الأمر إلى أولي الأمر من المنة، هو فى معنى فول الأخ الطنطاوي: وهي التي لا وجه لها عندي، فما هو فول علمائنا الأعلام؟ فهذا علم الأعلام لم يجزم بشيء، بل صرح بأن أولي الأمر من المسلمين - وهم أنصاف الأمة الذين ذكرهم مجتمعين - هم الذين يقدرون ضرورتها. فأين قول المفتاتين بأنه أباح الربا هو وشيخه الشيخ محمد عبده؟ وإنما تكلم عن مسلمي مصر لأن البحث فيهم. ولو كان الكلام عن ضرورة الإسلام لصرح بوجوب اجتماع أو إجماع أولي الأمر من المسلمين في أقطار الأرض على تحديد ضرورة الأمة. إذاً فمرد الأمر إلى (المفكرين) من علماء المسلمين كما