قال الأستاذ الطنطاوي ليبحثوا في وسائل هذا الأمر ومقاصده ويبنوا المعاملات المالية على أسس الإسلام الصالحة لكل زمان ومكان، والتي يستبين معها للموافق والمخالف أن قواعد الاقتصاد في الإسلام هي أبر ببني الإنسان، وأحق بتثبيت دعائم الحضارة والعمران
البيوع والمعاملات
أما ما وضعه بعض الفقهاء من شروط وقيود لبعض البيع والعقود، مما ليس فيه نص صريح، ولا قياس صحيح، فالناس غير ملزمين به، إذ أن لكل زمن عرفه وأهله ومصالحه، وإنما نهى الرسول (ص) عن أنواع من المعاقدات والبيوع كانت في الجاهلية لما فيها غبن وغش وغرر وضرر، وأمثلتها معروفة في كتب السنة. والمعاملات تفترق عن العبادات في كون الأصل فيها الإباحة والصحة، حتى يقوم الدليل على التحريم والبطلان. وأما العبادات فلا تكون صحيحة ما لم تكن قائمة على أمر الله، وعلى الوجه الذي شرعه وارتضاه. وفي الأعلام للإمام ابن القيم مباحث ضافية في ذلك أكتفي منها بقوله (رحمه الله):
(الخطأ الرابع) اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة شرط أو عقد أو معاملة استصحبوا بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيراً من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله بناءً على هذا الأصل، وجمهور الفقهاء على خلافه، وأن الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح، فإن الحكم ببطلانها حكم بالتحريم والتأثيم، ومعلوم أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا تأثيم إلا ما أثم الله ورسوله به فاعله، كما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه (إلى أن قال): فكل شرط وعقد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها فإنه سكت عنها رحمةً منه من غير نسيان وإهمال. وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة فيما عدا ما حرمه؛ وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود كلها، فقال تعالى: وأوفوا بالعهد) وقال: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقال: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وقال تعالى: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) (٢: ٣٤ من أعلام الموقعين)
وقال الإمام نجم الدين الطوفي المتوفى سنة (٧١٦) في بحث المصالح: وإنما اعتبرتا