للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عدد القطع في الإسكندرية وتطيل أمد بقائها جميعاً هناك

ولكن السلطان آلمه وأغضبه أن توجد السفن الفرنسية الإنجليزية أمام الإسكندرية فلم يكف عن احتجاجه وإعلان سخطه مما زاد الموقف العام حرجاً وتعقيداً

وبينما كانت فرنسا وإنجلترا تتبادلان الرأي على النحو الذي نذكر، كان الحنق في مصر على الخديو يتزايد يوماً عن يوم، وما زال الناس في قلق وخوف من موقفه ومشايعته الإنجليز على هذه الصورة حتى وصلت السفن إلى الإسكندرية

ولقد أخذ بعض الناس على الوطنيين أنهم لم يخلعوا الخديو في ذلك الوقت ويتصلوا بتركيا طالبين تعيين غيره؛ والواقع أنها مسألة دقيقة، فمن الناحية الوطنية كان الوطنيون يرون ضرورة خلعه، وحجتهم أن السكوت معناه التفريط في جانب الوطن ولكنهم من الوجهة الأخرى كانوا يرون أن عملهم هذا ينقلب وبالاً عليهم في ظروف كتلك الظروف التي أذاعت فيها أوربا عنهم المزعجات من الشائعات

وفي هذه الآونة حدث في صفوف النواب ما نخجل أشد الخجل من ذكره، فقد انحاز كبيرهم سلطان إلى الإنجليز وشايعه عدد منهم ليس بالقليل ولم يكن للوطنيين من عاصم في تلك المحنة إلا الاتحاد والثبات فكأنما تأبى الأيام إلا أن تجعل من أبناء مصر بعضهم لبعض عدواً، وكأن ذلك لكثرة ما تكرر من طباعهم التي فطروا عليها؛ ولطالما نكب هذا الشرق المسكين بتخاذله وانقسام أبنائه بعضهم على بعض مع أنهم يرون الظالمين الطامعين فيهم من أهل الغرب بعضهم في الكيد لهم أولياء بعض!

وكان انحياز سلطان والمستضعفين من النواب معه إلى الخديو أولى ثمرات المظاهرة البحرية؛ فإن سلطاناً حينما علم بها من الخديو فكر وتدبر ورأى أن المستقبل للخديو؛ فلما حضرت السفن اطمأن إلى الخديو وآثر أن يبادر بالانضمام إليه لتكون له الحظوة والمكانة عنده وعند الإنجليز أولي الجاه والبأس؛ وأمثال سلطان هذا إنما يعملون لأشخاصهم فحسب، وعلى ذلك فهم عبيد القوة وإن تعاظموا، وهم أضعف الناس وإن تطاولوا، وهم أحرص الناس على المادة وإن تظاهروا بالنبل والعفة، وهم إنما يدلون بجاه من يستكينون إليهم إدلال الخادم بسيف سيده

ونشط ماليت وأعوانه من جديد يذيعون أسوأ الأنباء عن مصر وعن عرابي وحزبه على

<<  <  ج:
ص:  >  >>