للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإحساس، كل أولئك الصفات الذميمة وضعت لغرض خاص هو تحقير الوثنية الجاهلية، لتقوم على أنقاضها العقيدة الصحيحة، عقيدة التوحيد)

(وكان من حق رجال الدين أن يضعوا في تشويه الوثنية الجاهلية ما يشاءون لأنهم كانوا يرونها زيغاً في زيغ. . .)

وقد عرض لي عند قراءتها إشكالات:

١ - إن التاريخ هو العلم الذي ينبئنا بأخبار من مضى، وكتبه هي مادة هذا العلم؛ فإذا كان في كتب التاريخ وصف للعرب بهذا الذي تقول أو بعضه أو ما يشبهه، فإنه يبقى صحيحاً معتبراً حتى يجيء من ينقضه بالأدلة العلمية المستندة إلى النص الصحيح. أما حكمك عليه بالوضع بلا دليل فلا يصنع في رده شيئاً، فهل لك عليه من دليل؟

٢ - وردك لما روته الكتب الدينية، أو يفهم من كلامك أنها روته، وحكمك عليه بالوضع أشد، لأن هذه الكتب الدينية، من دواوين الحديث أو مجموعات التفسير أو تصانيف الأئمة، حجة للمسلمين في دينهم، ومصدر يأخذون منه شريعتهم، فإذا صح لكل أديب تكذيب شيء منها بلا دليل صارت كلها عرضة للتكذيب، وبطل الدين. وإذا كانت مسألة اليوم هينة لا تمس جوهر الدين فإنها تجر حتماً إلى ما ليس بالهين وتكون سنة في الناس سيئة - أعيذ الدكتور زكي مبارك أن يكون صاحبها الذي سيحمل وزرها ووزر من عمل بها

٣ - ما الدليل على أن الرواة اختلقوا الأخبار لتحقير الوثنية أو أنهم منعوا من رواية أنبائها؟

٤ - ليس في الإسلام طبقة خاصة تعرف برجال الدين، وإنما فيها العلماء من محدثين ومفسرين وفقهاء وأصوليين، وطبقاتهم طبقات الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المجتهدين ومقلديهم، فأي أولئك الذين حكم عليهم الدكتور بصنع هذه الأخبار التي تشوه الوثنية ووضعها؟ وهل من الكذابين بين الصحابة والتابعون الذين نقل عنهم الشيء الكثير في ذم شرك الجاهلية وقبيح أحوالها؟

٥ - وما معنى قول الدكتور بأن ما جاء في الكتب التاريخية والدينية من الأخبار الموضوعة (بزعمه) إنما أريد منها تحقير الوثنية لتقوم على أنقاضها عقيدة التوحيد، مع أن المعروف الثابت أن الوثنية هدمت منذ هدم الله أصنامها، ومحيت أنقاضها، وقامت عقيدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>