التوحيد قبل انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ورست دعائمها؟
هذا وليثق الدكتور أن هذه أسئلة مستفهم، يجب أن يعرف جوابه عليها.
علي الطنطاوي
حول نعيم الجنة
قرأت في العدد (٣١٦) من الرسالة رد أستاذنا الدكتور زكي مبارك، فأجيب بالآتي: ذكر الدكتور ما يفيد أن هناك من يرى أن الجنة رمز ومجاز، ولكن لما كانت اللذات الأخروية هي لذات لا تدرك إلا بالعقل المحض، فقد قال مثل العلامة الأصفهاني: إنه لما أراد الله أن يقرب معرفة تلك اللذات من أفهام الكافة شبهها ومثلها لهم بأنواع ما تدركها حواسهم، فقال تعالى:(مثل الجنة التي وعد المتقون، فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى) ليبين للكافة طيبها بما عرفوه من طيب المطاعم، وقال:(مثل الجنة التي وعد المتقون) ولم يقل الجنة لينبه الخاصة على أن ذلك تصوير وتمثيل، وأن الإنسان إن اجتهد ما اجتهد أن يطلع على تلك السعادة فلا سبيل له إليها إلا على أحد وجهين: أحدهما أن يفارق هذا الهيكل ويخلف وراءه هذا المنزل فيطلع على ذلك. والثاني أن يزيل قبل مفارقة الهيكل الأمراض النفسانية فيطلع من وراء ستر رفيق على ما أعد له
ولكنا لا نستطيع الأخذ بنظرية التصوير هذه، لسبق وجود جنة بها أشياء مادية، وخرج منها أبوانا آدم وحواء لأكلهما من الشجرة المحرمة، ولا نريد أن ندخل في الخلاف الذي ذكره ابن قيم الجوزي في الجنة التي سبق لآدم السكنى فيها هل كانت جنة الخلد أم جنة أخرى؟ لأنه على أي حال يجب استبعاد النظرية التصويرية لمعارضتها لكثير من النصوص. إذن لم يبق إلا قول الدكتور زكي مبارك:(إن الإنسان مكون من جسد وروح، وهو كذلك في الحياة الأخروية). ولا أدري لماذا تشبث أستاذنا الدكتور بذكر هذا الشيء البديهي، ولكني أطمئن دكتورنا على أن الثواب والعقاب سيكونان للروح مع البدن. أذكر خلاصة ما ذكره الخوارزمي من أدلة على هذا من أن الأفعال والتدابير والآراء كلها تصدر من الجسد الحي، وأن الطاعة والمعصية حصلتا منهما جميعاً، وأن الثواب بالطاعة والعقاب